______________________________________________________
وأما القليل : فأن يكون ذلك دون أفعل التفضيل ؛ لكن المصنف إنما مثل للضمير العائد على اثنين ؛ أما العائد على الإناث فلم يمثل له وكأنه لم يرد ؛ والذي أنشده المصنف شاهدا قول الشاعر :
١٩٧ ـ أخو الذّئب يعوي والغراب ومن يكن |
|
شريكيه تطمع نفسه كلّ مطمع (١) |
أي ومن يكن الذئب والغراب شريكيه ؛ فأفرد الضمير موؤلا كأنه قال :
ومن يكن هذا النوع ، أو ومن يكن من ذكرته.
قال الشيخ : ليس معنى المثنى الذي في البيت الأول على التثنية ، وكذا الذي في البيت الثاني ؛ بل هو من المثنى الذي يراد به الجمع ، فمعنى أحسن الثقلين أحسن الخلائق ؛ ومعنى شرّ يوميها شرّ أيامها ؛ وإذا كان كذلك فلا يجوز : هو أحسن ولديك وأنبله.
إذ قد منع سيبويه (٢) القياس على قولهم : هو أحسن الفتيان وأجمله ؛ فالقياس على ما ورد من ذلك مثنى ويراد به الجمع ـ أولى بالمنع ؛ فكيف يقول المصنف : إن ذلك كثير؟ (٣).
وأما البيت الثالث فذكر فيه تخريجا بعيدا ، فقال : يحتمل أن يكون الضمير في يكن مفردا عائدا على من ، ويكون شريكيه من المقلوب ، والتقدير : ومن يكن شريكهما فلا يكون ذلك فيه دليل على دعوى المصنف (٤).
__________________
(١) البيت من بحر الطويل ذكرت مراجعه أن قائلته غضوب ، وهي امرأة من رهط ربيعة بن مالك تهجو سبيها ـ قال ابن الشجري في البيت :
جعل الذئب والغراب بمنزلة الواحد ، فأعاد إليهما ضميرا مفردا ؛ لأنهما كثيرا ما يصطحبان في الوقوع على الجيف ؛ ولو لا ذلك لقال : ومن يكونا شريكيه (الأمالي : ١ / ٣٠٩).
والبيت في شرح التسهيل (١ / ١٢٩) ، والتذييل والتكميل (٢ / ١٥٤) ، وهو في معجم الشواهد (ص ٢٣٠).
(٢) انظر : الكتاب (١ / ٨٠). قال : «قوله : هو أطرف الفتيان وأجمله لا يقاس عليه ؛ ألا ترى أنّك لو قلت وأنت تريد الجماعة : هذا غلام القوم وصاحبه لم يحسن؟».
(٣) التذييل والتكميل : (٢ / ١٥٤) وفيه تصرف في بعض النقل.
(٤) انظر المرجع السابق. وفي الحديث السابق : خير النساء ... قال أبو حيان : «أين كثرة هذا وهو لم يذكر منه إلّا هذا الأثر؟ مع أنّه يحتمل ألّا يكون لفظ الرّسول عليهالسلام إذ جوّز النّقل بالمعنى ، ويحتمل أن يكون من تحريف الأعاجم الرّواة».