______________________________________________________
وكلاهما فيه ما في : ضرب غلامه زيدا ، من تقديم ضمير على مفسّر مؤخر الرتبة ؛ لأن مفسر واو ضربوني معمول معطوف على عاملها ، والمعطوف ومعموله أمكن في استحقاق التّأخر من المفعول بالنسبة إلى الفاعل ؛ لأن تقديم المفعول على الفاعل يجوز في الاختيار كثيرا ، وقد يجب (١) ، وتقديم المعطوف وما يتعلق به على المعطوف عليه بخلاف ذلك ، فيلزم من أجاز : ضربوني وضربت الزّيدين ـ أن يحكم بأولية جواز : ضرب غلامه زيدا لما ذكرناه.
وكذلك يلزم من أجاز إبدال ظاهر من مضمر لا مفسر له غيره نحو : ضربته زيدا ، واللهمّ صلّ عليه الرءوف الرحيم ؛ لأن البدل تابع والتابع مؤخر بالرتبة ، ومؤخر في الاستعمال على سبيل اللزوم ، والمفعول ليس كذلك ؛ إذ لا يلزم تأخره» انتهى (٢).
وقال في شرح الكافية : الفعل المتعدّي يدلّ على فاعل ومفعول ؛ فشعور الذهن بهما مقارن لشعوره بمعنى الفعل ، فإذا افتتح كلام بفعل ووليه مضاف إلى ضمير ـ علم أن صاحب الضمير فاعل إن كان المضاف منصوبا ، ومفعول إن كان المضاف مرفوعا ، فلا ضرر في تقديم الفاعل المضاف إلى ضمير المفعول ، كما لا ضرر في تقديم المفعول المضاف إلى ضمير الفاعل (٣).
قال الشيخ (٤) : «وأجاز ذلك قبل أبي الفتح من الكوفيّين أبو عبد الله الطّوال» (٥).
قال الشيخ : «ولعمري إنه قد كثر مجيء ذلك في الشعر ، فالأحوط جوازه في الشّعر دون الكلام. وقد رام بعض النحويين تأويل ذلك كله ، والتأويل فيه بعد» ـ
__________________
(١) مثال تقديم المفعول جوازا في الاختيار قوله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ) [القمر : ٤١] ومثال تقديمه وجوبا مسائل
منها : اشتمال الفاعل على ضمير يعود عليه ، كقوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ) [البقرة : ١٢٤].
ومنها : حصر المفعول في الفاعل ، كقول الشاعر (من الطويل) :
تزوّدت من ليلى بتكليم ساعة |
|
فما زاد إلّا ضعف ما بي كلامها |
(٢) شرح التسهيل (١ / ١٦٢).
(٣) انظر نصه في شرح الكافية الشافية لابن مالك (٢ / ٥٨٥ ، ٥٨٦) تحقيق د / عبد المنعم هريدي (جامعة أم القرى ـ مكة المكرمة) وبعده قال : وكلاهما وارد عن العرب.
(٤) أي في التذييل والتكميل (٢ / ٢٦٥) ، وكذلك الأشموني على الألفية (٢ / ٥٩).
(٥) بتخفيف الطاء والواو ، والطاء مضمومة.