كره جماعة من الفقهاء أن تسمى هذه المدينة بغداذ لعله اسم الصنم وسميت مدينة السّلام لمقاربتها دجلة. وكانت دجلة تسمى قصر السّلام ، فمن العرب من يقول : بغدان بالباء والنون ، وبعضهم يقول : بغداد بالباء والدالين ، وهاتان اللغتان هما السائرتان في العرب المشهورتان.
أنشدنا أبو بكر المخزوميّ في مجلس أبي العبّاس ـ يعني ثعلبا :
قل للشمال التي هبت مزعزعة |
|
تذري مع الليل شفانا بصرّاد |
اقرأ سلاما على نجد وساكنه |
|
وحاضر باللوى إن كان أو بادي |
سلام مغترب بغداد منزله |
|
إن أنجد الناس لم يهمهم بإنجاد |
قال أبو بكر بن الأنباريّ : وأنشدنا أبو شعيب قال أنشدنا يعقوب بن السكيت :
لعمرك لو لا هاشم ما تفرقت |
|
ببغداد في نوغايه (١) القدمان |
قال وقال الآخر :
يا ليلة حرس الدجاج طويلة |
|
ببغداد ما كادت عن الصبح تنجلي |
قال وقال الآخر :
ألا يا غراب البين ما لك واقفا |
|
ببغدان لا تجلو وأنت صحيح |
فقال غراب البين وانهلّ دمعه |
|
نقضي لبانات لنا ونروح |
ألا إنما بغدان سجن إقالة |
|
أراحك من سجن العذاب مريح |
قال أبو بكر وأنشدني أبي قال أنشدني أبو عكرمة :
ترحل فما بغداد دار إقامة |
|
ولا عند من أضحى ببغداد طائل |
محل ملوك سمنهم في أديمهم |
|
فكلّهم من حلية المجد عاطل |
زادني القاضي أبو الحسين محمّد بن على بن محمّد بن المهتدي بالله هاهنا بيتا ذكر لي أن أبا الفضل محمّد بن الحسن بن المأمون أخبرهم به عن ابن الأنباريّ هو :
سوى معشر قلوا وجلّ قليلهم |
|
يضاف إلى بذل الندا وهو باخل |
ثم رجعنا إلى رواية ابن سويد :
ولا غرو إن شلّت يد المجد والعلا |
|
وقل سماح من رجال ونائل |
إذا غضغض البحر الغطامط ماءه |
|
فليس عجيبا أن تغيض الجداول |
__________________
(١) هكذا في الأصل.