تلك الناحية. وقبة على باب الكوفة كانت مجلسه إذا أحب النظر إلى البساتين والضياع. وعلى كل باب من أبواب المدينة الأوائل والثواني باب حديد عظيم جليل المقدار كل باب منها فردان (١).
أخبرنا محمّد بن على الورّاق وأحمد بن على المحتسب. قالا : أنبأنا محمّد بن جعفر قال نبأنا الحسن بن محمّد السكوني قال نبأنا محمّد بن خلف قال قال أحمد ابن الحارث عن العتابيّ : أن أبا جعفر نقل الأبواب من واسط ، وهي أبواب الحجّاج.وأن الحجّاج وجدها على مدينة كان بناها سليمان بن داود عليهماالسلام بإزاء واسط ، كانت تعرف بزندورد ، وكانت خمسة. وأقام على باب خراسان بابا جيء به من الشام من عمل الفراعنة ، وعلى باب الكوفة الخارج بابا جيء به من الكوفة من عمل [خالد (٢)] القسري ، وعمل هو لباب الشام بابا فهو أضعفها. وابتنى قصره الذي يسمى الخلد على دجلة ، وتولى ذلك أبان بن صدقة والرّبيع ، وأمر أن يعقد الجسر عند باب الشعير ، وأقطع أصحابه خمسين في خمسين.
قال الشيخ أبو بكر : إنما سمي قصر المنصور الخلد تشبيها له بجنّة الخلد ، وما يحويه من كل منظر رائق ، ومطلب فائق ، وغرض غريب ، ومراد عجيب. وكان موضعه وراء باب خراسان ، وقد اندرس الآن فلا عين له ولا أثر.
وحدّثني القاضي أبو القاسم على بن المحسن التّنوخيّ قال حدّثني أبو الحسن على ابن عبيد الزجاج الشّاهد ـ وكان مولده في شهر رمضان من سنة أربع وتسعين ومائتين ـ قال : أذكر في سنة سبع وثلاثمائة ، وقد كسرت العامة الحبوس بمدينة المنصور ، فأفلت من كان فيها ، وكانت الأبواب الحديد التي للمدينة باقية ، فغلّقت وتتّبع أصحاب الشرط من أفلت من الحبوس ، فأخذوا جميعهم حتى لم يفتهم منهم أحد.
قال الشيخ أبو بكر : عدنا إلى كلام وكيع المتقدم.
قال : ثم يدخل من الدهليز الثاني إلى رحبة مربعة عشرون ذراعا في مثلها ، فعلى يمين الداخل إليها طريق وعلى يساره طريق ، فيؤدّي الأيمن إلى باب الشام والأيسر إلى باب البصرة. والرحبة كالرحبة التي وصفنا ، ثم يدور هذا الفصيل على سائر الأبواب
__________________
(١) انظر الخبر في : المنتظم ٨ / ٧٦ ، ٧٧.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل ، وأضفناه من مطبوعة باريس.