قال وكيع فيما بلغني عنه : أن المدينة مدورة عليها سور مدور ، قطرها من باب خراسان إلى باب الكوفة ألفا ذراع ومائتا ذراع ، ومن باب البصرة إلى باب الشام ألفا ذراع ومائتا ذراع ، وسمك ارتفاع هذا السور الداخل وهو سور المدينة في السماء خمسة وثلاثون ذراعا ؛ وعليه أبرجة سمك كل برج منها فوق السور خمسة أذرع ، وعلى السور شرف. وعرض السور من أسفله نحو عشرين ذراعا. ثم الفصيل بين السورين وعرضه ستون ذراعا ، ثم السور الأول وهو سور الفصيل ودونه خندق ، وللمدينة أربعة أبواب : شرقي وغربي وقبلي وشمالي لكل باب منها بابان ، باب دون باب ، بينهما دهليز ورحبة يدخل إلى الفصيل الدائر بين السورين ، فالأول باب الفصيل ، والثاني باب المدينة ، فإذا دخل الداخل من باب خراسان الأول عطف على يساره في دهليز أزج معقود بالآجر والجص ، عرضه عشرون ذراعا وطوله ثلاثون ذراعا ، المدخل إليه في عرضه والمخرج منه من طوله يخرج إلى رحبة مادّة إلى الباب الثاني طولها ستون ذراعا وعرضها أربعون ذراعا ، ولها في جنبتيها حائطان من الباب الأول إلى الباب الثاني ، في صدر هذه الرحبة في طولها الباب الثاني وهو باب المدينة ، وعن يمينه وشماله في جنبتي هذه الرحبة بابان إلى [الفصيلين (١)] فالأيمن يؤدي إلى فصيل باب الشام ، والأيسر يؤدي إلى فصيل باب البصرة ، ثم يدور من باب البصرة إلى باب الكوفة ، ويدور الذي انتهى إلى باب الشام إلى باب الكوفة ، على نعت واحد وحكاية واحدة ، والأبواب الأربعة على صورة واحدة ، في الأبواب والفصلان والرحاب والطاقات. ثم الباب الثاني وهو باب المدينة وعليه السور الكبير الذي وصفنا ، فيدخل من الباب الكبير إلى دهليز أزج معقود بالآجر والجص طوله عشرون ذراعا ، وعرضه اثنا عشر ذراعا ، وكذلك سائر الأبواب الأربعة ، وعلى كل أزج من آزاج هذه الأبواب مجلس له درجة على السور يرتقي إليه منها ، على هذا المجلس قبة عظيمة ذاهبة في السماء سمكها خمسون ذراعا مزخرفة ، وعلى رأس كل قبة منها تمثال تديره الريح لا يشبه نظائره.
وكانت هذه القبة مجلس المنصور إذا أحب النظر إلى الماء وإلى من يقبل من ناحية خراسان. وقبة على باب الشام كانت مجلس المنصور إذا أحب النظر إلى الأرباض وما والاها. وقبة على باب البصرة كانت مجلسه إذا أحب النظر إلى الكرخ ومن أقبل من
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل ، وأضفناه من مطبوعة باريس.