المدعو البابا ، قال فى أسبانيا «مهما تكن التضحيات فإننا سنقدم الغالى ، والنفيس ، وندرب الفدائيين ، والمتطوعين اللازمين ، وليذهبوا إلى المدينة ليعيشون فيها فى عزلة عن الناس ، ولكن بالقرب من قبر محمد وليقوموا بحفر نفق تحت سطح الأرض. ولنسرق جسد محمد ، ولنحضره إلى روما».
كان البابا الملعون يعرف كثيرا من اللغات. وقد قام فعلا ؛ بإرسال عشرين فدائيا من رجاله ، وأتباعه ، أولاد السفاح. كانوا جميعا ، وكأنهم من الشياطين الحمر ، ذهبوا أولا إلى مصر ، ومنها ركبوا الحمير ، ووصلوا إلى المدينة مع الحجاج. قدّم عشرة منهم هداياهم إلى شيخ الحرم (١) وقد تدثروا فى زى العلماء. فقام شيخ الحرم بتخصيص مكان فى الحرم الشريف. أما العشرة الآخرون ، فقد ظلوا خارج المدينة ؛ يشتغلون بزخرفة المبانى وتكليسها وحمل القمامة. استمروا ثلاث سنوات فى حفر الأرض ، وشق نفق تحت أرض المسجد النبوى الشريف ، حاملين التراب ، والأنقاض فى أكياس يبعدونها. وبينما لم يعد بينهم وبين قبر المصطفى سوى ستة أزرع. هناك ، فى الشام ، يرى نور الدين شهيد النبى عليه الصلاة والسلام فى منامه وهو يخاطبه متفضلا :
«يا نور الدين .. إن هؤلاء الملاعين يحفرون قبرى ، ويريدون أن يسرقوا جسدى ، لكى يهربونه إلى بلاد الكفر ، إنهض ، وإلحق بهم» ويريه النبى عليهالسلام هؤلاء الملاعين ، واحدا ، واحدا. ينهض نور الدين شهيد ، ولم يضيع الوقت سدى ، بل أعدّ ستة آلاف رجل ، وقطع المسافة التى تبلغ خمس وعشرين مرحلة ، فى ثلاثة أيام ، وثلاث ليالى ، وكأنه العاصفة. وما أن وصل إلى المدينة المنورة حتى أولم
__________________
بعد أن قضى فى الحكم ثمان وعشرين سنة اتسمت بالعدل وجلائل الأعمال. انظر : «شمس الدين سامى ، قاموس الأعلام ج ٦ ص ٤٦٠٧». وهو الذى أمر ببناء «دار العدل» ، وعيّن فيها محلا للملك ومحلات لقضاة المذاهب الأربعة ، والمفتى ، لتجرى فيها أحكام الشرع. انظر : تاريخ جودت ، ج ١ بيروت سنة ١٣٠٨ ه ص ٥١.
(١) شيخ الحرم : Sayh ـ ul Harem
مصطلح إدارى كان ، وما زال يطلق على العالم الذى يتولى أمور الحرم الشريف فى مكة المكرمة ، وكان هذا التعيين يتم من قبل السلطان ويحدد له راتبه ومخصصاته المالية جنبا إلي جنب مع المهام الوظيفية. وكان يطلق على العالم الذى يتولى أمور المسجد النبوى ، شيخ الحرم النبوى. ولما كانت الشام تقع على طريق الحج ، فقد أطلق هذا اللقب فى بعض العصور على والى الشام. انظر : محمد زكى باق آلين ، عثمانلى تاريخ ديملرى وتريملرى سوزتكى. ج ٣ استانبول سنة ١٩٨٣ م) «المترجم»