نفوسهم ، ويخلع عليهم بالخلع القيّمة .. وهم يستحقونها .. وأشغالهم رائعة. ويعلم الله ؛ أن من لم ير شاغل هؤلاء الأسطوات المهرة ، فكأنه لم ير شيئا على سطح الأرض كلها ـ فهى لا يمكن وصفها ، أو التعبير عنها بالكلام ، بل لابد من التمتع بالنظر والإمعان. وكما يقول الشاعر :
(شنيدن كه بود مانند ديده ..) (١)
فلذلك ، فأنت محتاج للمشاهدة والرؤية .. وجملة النقوش (لا اله إلا الله محمد رسول الله). وكما سبق السبك فى أوصاف الكعبة الشريفة وحرمها .. فإن الكسوة المشرفة تستحق هذا القدر من الأوصاف والألقاب .. ولكن ؛ كسوة هذا العام فإن أمير الحج المصرى هو الذى نال شرف اسدالها ، ووضعها على الكعبة الشريفة. وقدم تم تثبيت أطراف الكسوة بالحلقات النحاسية المثبتة أسفل جدران الكعبة دائرا ما دار ، والتى يبلغ عددها ثنتا وأربعين حلقة .. وكل منها سمك الذراع .. ولشدة لمعانها ، وصقلها فكأنها من الذهب الخالص .. هذه الكسوة المشرفة لا تخترقها الرياح .. ولأجل ذلك فإنها قد ربطت بهذه الحلقات بإثنى عشرة قنطارا من الحبال المجدولة ، والمشغولة بالخيوط البيضاء ، والحمراء .. وتحيط ببيت الله ، وتجعل الكعبة الشريفة ظاهرة ، وبادية من مسافة بعيدة ـ بحيث يبهر الإنسان ، ويبهت .. وحتى أن الستين ألف حاج الذين يمسحون بها وجوههم ، ويعفرون بأريجها جباههم ، لا ينالون منها إلا كل الخير .. وفى الطرف الآعلى من الكسوة بكرات مثبتة بحيث يمكن بها رفع الكسوة بقدر قامة الرجل حول الكعبة من جوانبها الأربعة. ووسط الكسوة المشرفة شريط مشغول بالذهب الخالص ، وكأنه يحتضن بيت الله. وهو يحيط به دائرا ما دار .. وهو بعرض ثلاثة أشبار. وقد نقشت الآية الكريمة التالية ؛ بخيوط الذهب الخالص فوق هذا الحزام :
(فى بيوت اذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه) هذه الخيرات العظيمة العجيبة تأتى فى كل سنة جديدة من مصر ، وتقسم الستائر القديمة قطعا قطعا ، وترسل هدايا إلى كل الملوك ، والسلاطين ، والأمراء المسلمين .. وهم بدورهم يسارعون فى إرسال العطايا ، والهدايا ، والصرة الشريفة. ويوجد فى كل الديار أقسام ، وقطع من هذه
__________________
(١) (لا يمكن أن يكون السماع شبيها بالرؤية).