أو شابا .. رجلا ، أو امرأة إلى مقابر المعلا ليلة الإثنين ، وليلة الجمعة ، ويتصدقون على الفقراء جميعا صدقات معلومة ، ويقدمون لهم الخبز وماء زمزم. ويتلون من القران الكريم ما تيسر لهم ، ويقفون بخشوع ، وسكينة على رأس القبر ، ويضعون حوله الحنطة والماء .. والورد والريحان .. وعلى هذا المنوال يأتون إلى الموتى مرتين اسبوعيا للزيارة .. وهكذا يشعرون وكأن الميت لم يمت ، بل هم يزورونه مرتين اسبوعيا .. فبشرى وطوبا لمن يتوفاه الله فى مكة ، فبعد الدفن يقوم كل أحبته ، وأصحابه بالزيارة إلى بيت الله الحرام ويطوف من يستطيع الطواف ، فهو بذلك ينال ثواب الحج مع الطائفين ، الذين يهبون له ثواب هذا الطواف .. ومما لا شك فيه أن الله سبحانه ، وتعالى .. سيقبله من أهل الجنة.
ولما كنت أنا العبد الفقير قد وقفت وقوفا كاملا على هذا الحال ، تمنيت على الله أن انال هذا الثواب العميم عند ما يتوفاني الله .. فكم يكون المرء سعيدا عند ما ينال كل هذا الدعاء .. ويدفن وسط هذه البهجة .. والروائح الطيبة .. وكنت أردد دائما (اللهم يسر يا ميسر) وأوصى بعض السالكين لتقريب اللقاء بالحق أن يوصى الراغب فى ذلك بالدفن فى منتهى الجبال الواقعة على الجوانب الأربعة لمكة المكرمة ..
* * *
بيان بالجبال الواقعة فى الجهات الأربع للبيت الشريف :
إن بين شرق وشمال سوق ـ ساحة منى يوجد جبل صغير يسمونه جبل سبر ، حسب الأقوال المسطرة لإسحاق ، فإن آولاد سيدنا اسماعيل مدفوفون فى هذا الجبل. وأن كبش الفداء المقدم قربانا وفداءا لسيدنا اسماعيل قد طلع من هذا الجبل ، وأن الكبش قد ذبح قربانا على أطراف ، وحواف هذا الجبل. وما زال به المكان المسمى «منچر» أو مذبح ، وبعض الحجاج ما زالوا ينحرون ذبائحهم فى هذا المكان ، وما زال فرارا للحجيج. وعلى الجهة الشرقية من البيت الشريف ، يقع جبل أبى قبيس وقد سبق الحديث عنه تفصيلا .. ولكن آلاف الصحابة كان هذا الجبل محل اهتمامهم ، ويسميه القرشيون الجبل الأمين .. وما زال مكانا للتنزه ، والفرجة للخاص ، والعام. وبعده الجبل الأحمر ، والجبل الأخشب .. وهما الذى نزل فى