الشام [ـ دمشق] الفيحاء. وقد وصل ألفين من حجاج إيران فى نفس هذا اليوم أيضا. وتم تحصيل خمس عشرة قطعة ذهبية (١) عن كل حاج إيرانى ؛ مما شكل عونا ماديا كبيرا آنذاك.
وكنت ـ أنا العبد الحقير إلى ربه ـ قد قمت بتأمين كافة إحتياجات الرحلة من مأكل ، ومشرب ، واشتريت خمسة جمال ، وقاعودا ، وفرسا ، وأربعة هوادج ، وخيمة. كما استأجرت سقاءا وخمسة عبيد. وجمعت الجميع فى سرادقى.
أخيرا ، وفى العشرين من شوال سنة إحدى وثمانين وألف من الهجرة النبوية ، خرجنا من الشام ، وسط إحتفال مهيب ، لم تر مثله البلاد من قبل. وسارت القافلة مسافة ساعة نحو القبلة ، وسط رياض ، وبساتين غناء ، وحدائق فيحاء ، حتى وصلت إلى :
قصر كوچوك أحمد باشا : (٢)
لقد انتشرت الأخبار ، وتناقلت الأقاويل بين مشايخ الأعراب جميعا ، وكان مفادها أن ... «إن هذه السنة تختلف عن كافة السنوات السابقة ؛ فعلى رأس القافلة وزير شديد البأس ، صعب المراس لا يرحم قط ، ولن يرحم أبدا من تسوّل له نفسه الشغب ، أو يفكر فى العصيان. فأقبلوا جميعا مع عيالكم وذويكم وقدموا فرائض الطاعة ، واظهار الولاء ... ، ، .. وما هى إلا سويعات قليلة حتى وفد عدد من مشايخ البدو ورجالاتهم على قصر الوزير كوچوك أحمد باشا ، وتشرفوا بالسلام عليه والمثول بين يديه.
وهنا ؛ فى هذا المنزل قام كتخدا (٣) الباشا بتسليم عنان جمل المحمل الشريف إلي
__________________
(١) عملة ذهبية ضربت فى الدولة العثمانية ، واستقر الرأى على قيمتها فى عهد محمود الثانى (١٢٤٩ ه / ١٨٣٣ م) على أن تكون ٢٤٠ پارة أو ستة قروش. «المترجم»
(٢) كوچوك أحمد باشا : هو أحمد باشا كوچك من وزراء الدولة العثمانية فى عهد السلطان مراد خان الرابع تولى ولاية سيواس ، والشام ، وكوتاهية ، ثم كلّف بالتنكيل بعصيان إلياس باشا الذى نشب فى الأناضول ، ولما وفق فى ذلك أنعم عليه السلطان بولاية الشام سنة ١٠٤٢ ه. وقد نجح فى القضاء على حركات العصيان فى الشام أيضا .. وأعاد الأمن والأمان ، شارك فى حرب إيران ، ثم عيّن محافظا على الموصل ، فى سنة ١٠٤٦ ه ، واستشهد فى الحرب التى دارت ضد الشاه عباس الإيرانى. «المترجم»
(٣) كتخدا ـ Kethuda وكيل ، معتمد