قلعة عين الزرقاء :
شيدها نور الدين شهيد (١) ، وهى قلعة مربعة الشكل ، تقع فوق صخرة مدببة ، لم يعد بقطنها أحد. تقع ناحية الكرك ، ضمن أراضى القدس. والكل تناول طعامه على شاطئ نهر الزرقاء دون أن تحط الرحال. وملئت مئات الجرار والقرب بالماء. وقد كانت هذه المياه سابقا تتدفق إلى الصحراء ، وعند ما وفد الرسول الأكرم صلىاللهعليهوسلم مع قافلة مكة المكرمة قاصدا البصره (٢) ، فأشار صلىاللهعليهوسلم ، إلى هذه المياه ، فشاءت قدرة القادر ، أن تتجه هذه المياه الضائعة إلى أعماق القلعة ، وتحولت رويدا رويدا مع الزمن إلى بحيرة. ويشاع أن كثيرا من سباع صحراء بغداد تفد إلى هذه البقاع. ولكنى لم أر أي منها. وقد مررنا من هذه المناطق على عجل.
منزل تبركه :
منزل به خان خرب ، مطل على رابية سهلة. وبينما كان التفكير متجه إلى الإستراحة هنا فى هذا الموقع بعض الوقت دون أن حّط الرحال أيضا ، فإذا بالمطر
__________________
(١) نور الدين شهيد : هو نور الدين زنكى ، ونور الدين محمود زنكى ، الملك العادل أبو القاسم بن عماد الدين زنكى بن أقسنقر ؛ الإبن الثانى لعماد الدين زنكى مؤسس دولة الآتابكة فى نواحى الموصل والجزيرة. ولد سنة ٥١١ ه / توفى والده سنة ٥٤١ ه. فتولى اخوه سيف الدين عرش الموصل ، وقام هو بتخليص حلب من بنى الأرقط ، وأسس بها ملكا ، وكون دولة بعد ضم حماة ، وحلب ، وبعلبك ، ودمشق. واستطاع أن يستخلص مدنا وبلادا كثيرة من الصليبيين منها مرعش ، والرقة ، ويانياس. كان نور الدين ملكا ، شجاعا ، وعادلا ، محبا للعلم ، والعلماء ، والأدب ، والأدباء ؛ صاحب خيرات كثيرة ، مما جعل ـ حتى ـ أعداءه يبهرون بعدله ، ومنجزاته. أنشأ الكثير من المدارس والجوامع والمبرات فى كل من حلب ، وحماة ، وحمص ، ودمشق ، وبعلبك. كما أمر بإنشاء مستشفى كبير فى دمشق ، أوقف عليه ، أوقافا كثيرة ، وجلب إليها أشهر أطباء عصره. سار على منواله صلاح الدين الأيوبى فى مصر. توفى نور الدين سنة ٥٦٩ ه. بعد أن قضى فى الحكم ثمان وعشرين سنة اتسمت بالعدل وجلائل الأعمال. انظر : «شمس الدين سامى ، قاموس الأعلام ج ٦ ص ٤٦٠٧». وهو الذى أمر ببناء «دار العدل» ، وعيّن فيها محلا للملك ومحلات لقضاة المذاهب الأربعة ، والمفتى ، لتجرى فيها أحكام الشرع. انظر : تاريخ جودت ، ج ١ بيروت سنة ١٣٠٨ ه ص ٥١.
(٢) البصره : Busra إحدى القرى السورية تقع فى أحضان جبل الدروز من الناحية الغربية ، بها آثار يونانية قديمة ، وحمامات ، وأسبلة تعود إلى القرن الثانى عشر الميلادى ، السادس الهجري ، كما أن بها قلعة ، وجامعا يعودان إلى نفس القرن .. كانت مركزا للولاية العربية فى العصر الرومانى ، وكانت تمر بها طرق القوافل. دخلها الإسلام بعد سنة ٦٣٤ ، إلا أنها خرّبت خلال الحروب التركية ـ الصليبية. (أنظر : ميدان لاروس مادةBusra) «المترجم».