لا يؤثر في النّفيق. وله غزل معرّي ، لا عذري ، لا يقنع بالطّيف ، ولا يصفع بغير السيف ، وقد قدّه به الذات ، وعظم شأنه فاحتمل الثواب ، وكان يقف دولته في أعلى منزلته ، ناهيك من رجل يستعين على صلاح دنياه ، بفساد أخراه ، لرداءة دينه ، وضعف يقينه. ولو عقل ما ضاقت عليه معاني الشّعر ، حتى يستعين عليه بالكفر.
شعره : كان أول ما مدح به جعفر بن علي قوله (١) : [الكامل]
أحبب بتيّاك القباب قبابا |
|
لا بالحداة ولا الرّكاب ركابا (٢) |
فيها قلوب العاشقين تخالها |
|
عنما بأيدي البيض والعنّابا (٣) |
وقال يمدح جعفر بن علي من القصيدة الشهيرة (٤) : [الطويل]
أليلتنا إذا أرسلت واردا وحفا (٥) |
|
وبانت (٦) لنا الجوزاء في أذنها شنفا (٧) |
وبات لنا ساق يقوم (٨) على الدّجى |
|
بشمعة صبح (٩) لا تقطّ (١٠) ولا تطفا |
أغنّ غضيض خفّف (١١) اللّين قدّه |
|
وأثقلت (١٢) الصّهباء أجفانه الوطفا (١٣) |
ولم يبق إرعاش المدام له يدا |
|
ولم يبق إعنات (١٤) التّثنّي له عطفا |
نزيف قضاه السّكر إلّا ارتجاجة |
|
إذا كلّ عنها (١٥) الخصر حمّلها الرّدفا |
__________________
(١) ديوان ابن هانىء الأندلسي (ص ٤٩).
(٢) الحداة : الذين يسوقون الإبل ؛ أراد أنه يحب القباب لأنها تخص الحبيب ، ولا يحب الحداة ولا الإبل لأنها سبب بعد الحبيب عنه.
(٣) العنم : شجرة حجازية لها ثمر أحمر يشبّه به البنان المخضب. يقول : إن تلك القباب حمر ، كأنها عنم أو عناب بأيدي النساء البيض.
(٤) ديوان ابن هانىء الأندلسي (ص ٢٠٧ ـ ٢١٠) ورايات المبرزين (ص ١٥١ ـ ١٥٤). وورد منها في المغرب (ج ٢ ص ٩٧ ـ ٩٨) فقط سبعة أبيات.
(٥) في الأصل : «وجفا» والتصويب من الديوان والمغرب. والوارد : الشعر الطويل المسترسل.
والوحف : الكثيف المسودّ.
(٦) في الديوان والمغرب : «وبتنا نرى الجوزاء».
(٧) الشّنف : ما يعلّق في أعلى الأذن ، وهو القرط.
(٨) في المغرب : «يصول».
(٩) في الديوان : «نجم».
(١٠) لا تقط : لا يقطع رأسها.
(١١) في الأصل : «جفّف» والتصويب من الديوان والمغرب.
(١٢) في الديوان : «وثقّلت».
(١٣) الأغن : الذي في صوته غنّة. والغضيض : الفاتر الطرف المسترخي الأجفان. والوطف : جمع أوطف وهو الذي كثر شعر حاجبيه وعينيه.
(١٤) الإعنات : من أعنته : أي أدخل عليه مشقّة شديدة.
(١٥) في الديوان : «عنه الخصر حمّله ...».