إذا ما أصول المرء طابت أرومة (١) |
|
فلا عجب أن أشبهتها فروعها |
بقيت لأعلام الزمان تنيلها |
|
هدى ولأحداث الخطوب تروعها |
ومما امتزج فيه نثره ونظمه ، وظهر فيه أدبه وعلمه ، قوله يخاطبني جوابا عن رسالة خاطبت بها الأولاد ، وهم مع مولانا أيّده الله بالمنكّب (٢) : [مخلع البسيط]
ما لي بحمل الهوى يدان |
|
من بعد ما أعوز التّداني |
أصبحت أشكو إلى (٣) زمان |
|
ما بتّ منه على أمان |
ما بال عينيك تسجمان |
|
والدّمع يرفضّ كالجمان؟ |
ناداك والإلف عنك وان |
|
والبعد من بعده كواني؟ (٤) |
يا شقّة (٥) النفس ، من هوان |
|
لجج (٦) في أبحر الهوان |
لم يثنني (٧) عن هواك ثان |
|
يا بغية القلب (٨) قد كفاني (٩) |
يا جانحة الأصيل ، أين يذهب قرصك المذهّب ، وقد ضاق بالشوق المذهب. أمست شموس الأنس محجوبة عن عيني ، وقد ضرب البعد الحجاب بينها وبيني. وعلى كل حال ، من إقامة وارتحال. فما محلك من قلبي محلا بينها. وما كنت لأقنع من وجهك تخيّلا وشبيها. ومن أين انتظمت لك عقول التّشبيه واتّسقت ، ومن بعض المواقع والشمس لو قطعت. صادك منذور ، وأنت تتجمل بثوبي زور ، وجيب الظلام على دينارك حتى الصباح مزرور ، ووراءك من الغروب غريم لا يرحم ، ومطالب تتقلّب منه في كفّه المطالب. ويا برق الغمام من أي حجاب تبتسم ، وبأي صبح ترتسم ، وأي غفل من السحاب تسم. أليست مباسم الثغور ، لا تنجد بأفقي ولا تغور؟ هذا وإن كانت مباسمك مساعدة ، والجوّ ملبس لها من الوجوم شعارا ، فلطالما ضحكت فأبكت الغوادي ، وعقت الرائح والغادي. أعوذ بواشم البروق ، بنواسم الطّفل والشروق ، ذوات الزائرات المتعددة الطّروق ، فهي التي قطعت وهادا ونجادا ، واهتدت بسيف الصباح من السحاب قرابا ومن البروق نجادا ، واهتدت خبر الذين أحبّهم
__________________
(١) الأرومة : الأصل. لسان العرب (أرم).
(٢) الأبيات في أزهار الرياض (ج ٢ ص ١٠ ـ ١١).
(٣) في الأصل : «من» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من أزهار الرياض.
(٤) في الأصل : «كوان» والتصويب من أزهار الرياض.
(٥) في الأزهار : «يا شقوة».
(٦) في الأزهار : «لججت».
(٧) في الأصل : «لم يثن» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من أزهار الرياض.
(٨) في الأصل : «القلوب» وهكذا ينكسر الوزن ، والتصويب من أزهار الرياض.
(٩) في الأصل : «كفان» والتصويب من أزهار الرياض.