وثوبوا (١) سراعا إلى طهارة القلوب ، وإزالة الشّوب (٢) ، واقصدوا أبواب غافر الذنوب (٣) وقابل التّوب ، واعلموا أنّ سوء الأدب مع الله يفتح أبواب الشدائد ، ويسدّ طريق (٤) العوائد ، فلا تمطلوا بالتوبة أزمانكم ، ولا تأمنوا مكر الله فتغشوا إيمانكم ، ولا تعلّقوا متابكم بالصّرائر (٥) ، فهو علّام السرائر ، وإنما علينا معاشر الأولياء (٦) أن ننصحكم وإن كنّا أولى بالنّصيحة ، ونعتمدكم بالموعظة الصريحة ، الصادرة ـ علم الله ـ عن صدق القريحة ، وإن شاركناكم في الغفلة ، فقد ناديناكم (٧) إلى الاسترجاع والاستغفار ، وإنما لكم لدنيا (٨) نفس مبذولة في جهاد الكفّار ، وتقدّم (٩) إلى ربّكم العزيز الغفّار ، وتقدّم لديكم إلى مواقف الصّبر التي لا ترتضي (١٠) بتوفيق الله الفرار ، واجتهاد فيما يعود بالحسنى وعقبى الدّار ، والاختيار لله وليّ الاختيار ، ومصرّف الأقدار. وها نحن نسرع في الخروج إلى مدافعة هذا العدوّ ، ونفدي بنفوسنا البلاد والعباد ، والحريم المستضعف والأولاد ، ونصلى (١١) من دونهم نار الجلاد ، ونستوهب منكم الدّعاء إلى (١٢) من وعد بإجابته ، وتقبّل (١٣) من صرف إليه وجه إنابته. اللهمّ كن لنا في هذا الانقطاع (١٤) نصيرا ، وعلى أعدائك ظهيرا ، ومن انتقام عبدة الأصنام مجيرا (١٥). اللهمّ قوّ من ضعفت حيلته ، فأنت القوي المعين ، وانصر من لا نصير له إلّا أنت ، إياك (١٦) نعبد ، وإياك نستعين. اللهمّ ثبّت أقدامنا وانصرنا عند تزلزل الأقدام ، ولا تسلمنا عند لقاء عدوّ الإسلام ، فقد ألقينا إليك يد الاستسلام. اللهمّ دافع بملائكتك المسوّمين ، [عمّن ضيّقت أرجاؤه ، وانقطع إلّا منك رجاؤه. اللهمّ هيّئ لضعفائنا ، وكلّنا ضعيف فقير ، إليك ، ذليل بين يديك حقير ، رحمة تروى بالأزمة وتشبع ، وقوة تطرد وتستتبع. يا غلاب الغلّاب ، يا هازم الأحزاب ، يا كريم العوائد ، يا مفرّج الشدائد ، ربّنا أفرغ علينا صبرا ، وثبّت أقدامنا ، وانصرنا على القوم الكافرين (١٧)]. اللهمّ اجعلنا (١٨) ممن تيقّظ فتيقّظ ، وذكر
__________________
(١) ثاب : رجع. لسان العرب (ثوب).
(٢) الشّوب : المخالط من الأدران ـ لسان العرب (شوب).
(٣) في النفح : «الذنب».
(٤) في النفح : «طرق».
(٥) في النفح : «بالضرائر».
(٦) قوله : «معاشر الأولياء» ساقط في النفح.
(٧) في النفح : «سبقناكم».
(٨) في الأصل : «الدنيا» والتصويب من النفح.
(٩) في النفح : «وتقدم قبلكم إلى مواقف الصبر ...».
(١٠) في النفح : «ترضى بالفرار».
(١١) نصلى النار : نحترق بها. قال الله تعالى : (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى) (١٥) سورة الليل ٩٢ ، الآية ١٥.
(١٢) في النفح : «لمن».
(١٣) في النفح : «فإنه يقبل».
(١٤) في النفح : «الاهتمام».
(١٥) في النفح : «كفيلا».
(١٦) في النفح : «فإياك».
(١٧) ما بين قوسين ساقط في نفح الطيب.
(١٨) في النفح : «اللهم اجعلنا على تيقّظ وتذكّر من قال ...».