وصل بخارج غرناطة ، على أن يدخلها من الغد ، ثم بدا له فدخلها عند غروب الشمس ، نظرا للحزم.
وحدّث أبو محمد البسطي قال (١) : عاينته (٢) يوم دخوله وعليه شاشيّة (٣) ملفّ مضلعة أكتافها مخرّقة (٤). وعند ما نزل بباب جامع القصبة ، كان مؤذن المغرب في الحيعلة ، وإمامه يومئذ أبو المجد المرادي قد غاب ، فدفع الشيخ السلطان إلى المحراب ، وصلّى (٥) بهم ، على هيئته تلك ، بفاتحة الكتاب. و (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) (١) (٦). والثانية ب (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (١) (٧). ثم وصل قصر باديس ، والشمع بين يديه (٨).
وفي سنة ثلاث وأربعين وستمائة ، صالح طاغية الروم ، وعقد معه السّلم الذي طاحت في شروطه جيّان. وكان واقع بالعدو الراتب تجاه حضرته ، المختص بحصن بليلش على بريد من الحضرة ، وكان الفتح عظيما ، ثم حالفه الصّنع بما يضيق المجال عن استيعابه. وفي حدود اثنين وستين وستمائة صالح طاغية الروم ، وعقد معه السلم ، وعقد البيعة لولي عهده ، واستدعى القبائل للجهاد.
مولده : في عام خمسة وتسعين وخمسمائة بأرجونة ، عام الأرك (٩).
وفاته : في منتصف جمادى الثانية من عام واحد وسبعين وستمائة ، ورد عليه وقد أسنّ ، جملة من كتّاب الزّعائم ، يقودون جيشا من أتباعهم ، فبرز إلى لقائهم بظاهر حضرته ، ولما كرّ آئبا إلى قصره ، سقط ببعض طريقه ، وخامره خصر ، وهو راكب ، وأردفه بعض مماليكه ، واسمه صابر الكبير ، وكانت وفاته ليلة الجمعة التاسع
__________________
(١) النص في البيان المغرب ـ قسم الموحدين (ص ٣٤٢ ـ ٣٤٣).
(٢) في البيان المغرب : «فعاينته».
(٣) في المصدر نفسه : «دخوله بشاية». والشاية والشاشية : لباس حربي محشو بالقطن لوقاية المحارب.
(٤) في المصدر نفسه : «مقطعة».
(٥) في المصدر نفسه : «فصلّى بهم على هيئة سفره بفاتحة ...».
(٦) سورة النصر ١١٠ ، الآية ١.
(٧) سورة الإخلاص ١١٢ ، الآية ١.
(٨) في البيان المغرب : «ثم خرج إلى قصر باديس ابن حبوس والشمع بين الأبواب يتّقد ...».
(٩) كانت وقعة الأرك سنة ٥٩١ ه ـ وليس سنة ٥٩٥ ه ، وذلك بين المنصور يعقوب بن يوسف الموحدي وجيوش قشتالة بقيادة ألفونسو الثامن ، وكان النصر فيها للموحدين ، وكان عدد قتلى النصارى ثلاثين ألفا ، واستشهد من المسلمين نحو الخمسمائة. البيان المغرب ـ قسم الموحدين (ص ٢١٨).