مودود» ، وقال : «كيف تختصّ أنت ببلاد عمي وابنه وبأمواله ، دوني ، وهذا أمر لا صبر لي عنه». وطلب منه تسليم حلب إليه ، وأن يأخذ منه «سنجار» عوضا عنها.
فامتنع «عزّ الدّين» ، ولم يجبه إلى ما أراد ، فأرسل إليه وهدّده بأن يسلّم «سنجار» إلى «الملك النّاصر» فيضايق الموصل بها ، فأشار عليه طائفة من الأمراء بأخذ «سنجار» منه واعطائه حلب ، وكان أشدّ الناس في ذلك «مجاهد الدّين» ، وهو الذي كان يتولّى تدبيره ، وكان أمراء حلب لا يلتفتون إلى «مجاهد الدّين» ، ولا يسلكون معه ما يسلكه عسكر الموصل ، فلذلك ميّل «عزّ الدّين» إلى ذلك.
وشرع «عزّ الدّين» في الميل إلى الأمراء ، الّذين حلفوا له أولا ، والإعراض عن الّذين مالوا إلى أخيه «عماد الدّين» ، وأحسن إلى أهل حلب ، وخلع عليهم ، وأجراهم على عادتهم في أيّام عمّه «نور الدّين» ، وابنه «الملك الصّالح» ، وأبقى قاضيها والدي ، وخطيبها عمّي ، ورئيسها «صفيّ الدّين طارق بن الطريرة» على ولاياتهم ، وولّى بقلعة حلب «شهاب الدّين اسحق بن أميرك» الجاندار (١) ، صاحب الرّقّة ، وأبقي «شاذبخت» في القلعة ناظرا معه ؛ وولّى مدينة حلب والديوان مظفر الدّين بن زين الدّين.
وكان الصّلح قد انفسخ ، بموت الملك الصّالح ، بين الفرنج والمسلمين ، وكانت «شيح الحديد» (٢) مناصفة بين المسلمين والفرنج ،
__________________
(١) الجاندار : حافظ السلاح.
(٢) شيح الحديد قرية كبيرة في طرف العمق. بغية الطلب ص ٤٧٤.