هزمنا طمع فيه الفرنج ، ويقولون : إنّ الّذي كان يحتمي بهم أضعف منه ، وبالجملة فهو ابن أتابك الكبير» ؛ وأشار بالصّلح.
وسار إلى نور الدين بنفسه ، فوفّق بينهما على أن يسلّم سنجار إلى قطب الدّين ، ويتسلّم الرّحبة ، ويستقلّ نور الدّين بالشّام جميعه ، وقطب الدين بالجزيرة ما خلا الرّها ، فإنّها لنور الدين (١).
وعاد نور الدّين إلى الشّام ، وأخذ ما كان قد ادّخره أبوه أتابك من الخزائن ، وكانت كثيرة جدّا.
فغزا نور الدّين محمود بن زنكي بلد الفرنج من ناحية أنطاكية ، وقصد حصن حارم وهو للفرنج ، فحصره ، وخرب ربضه ، ونهب سواده ، ثمّ رحل إلى حصن إنّب (٢) فحصره أيضا.
فاجتمع الفرنج مع البرنس صاحب أنطاكية وحارم ، وتلك الأعمال ، وساروا إلى نور الدّين ليرحّلوه عن إنّب ، فلقيهم يوم الأربعاء حادي وعشرين من صفر ، سنة أربع وأربعين وخمسمائة ، واقتتلوا قتالا عظيما ، وباشر نور الدين القتال ذلك اليوم ، فانهزم الفرنج أقبح هزيمة ، وقتل منهم جمع كثير ، وأسر مثله.
__________________
(١) انظر الروضتين ج ١ ص ٦٧ ـ ٦٨.
(٢) قال ياقوت : «إنب حصن من أعمال عزاز من نواحي حلب له ذكر» ، وفي أيامنا هذه إنب قرية تتبع ناحية محمبل ـ منطقة أريحا ، محافظة ادلب ، ويبعد عنها بقرابة كيلومتر واحد تل انب الأثري ، ويشرف هذا التل على كل من وادي الغاب وسهل الروج. المعجم الجغرافي للقطر العربي السوري.