الواسطة ، ولأصحابه أربعة آلاف.
وحلف الفرنج لهم على ذلك ، وتسلّموا «عكا» ، في يوم الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة ، سنة سبع وثمانين وخمسمائة ، ونكثوا ذلك العهد ، وأسروا كلّ من كان بها من المسلمين ، وفرّقوا بينهم ، واستصفوا أموالهم ، وسلبوهم ثيابهم وأسلحتهم ، ثم قتلوا منهم ألفين ومائتين صبرا ، على دم واحد ، في يوم واحد ، حيث توهّموا فيهم أنهم فقراء ، ليس لهم مفاد ، وأسروا من رجوا منه أن يفتدى بمال ، أو يكون من السّلطان على بال (١).
وأقامو بعكّا نحو أربعين يوما ، و «الملك النّاصر» على حصارهم ، ثم خرجوا منها متوجهين إلى «عسقلان» ، فسار في عراضهم ، ليمنعهم أن يخرجوا من ساحل البحر ، فساروا من عكّا إلى «يافا» ، وهي مسيرة يوم واحد ، في شهر كامل ، لمضايقة السلطان لهم ، وجرى بينهم وبين المسلمين مناضلة ومطاردة ، فلما أشفق السّلطان من أخذهم «عسقلان» سبق إليها فهدمها ، وأخرج أهلها منها ، في شهر رمضان من سنة سبع.
فأقام الفرنج «بيافا» ، وانتقل السّلطان إلى «الرّملة» ، وشرع الفرنج في بنآء «يافا» وتحصينها ، ثم ساروا عنها ، فنزلوا بعسقلان ، وشرعوا في عمارتها ، ثم ساروا إلى «الدّاروم» ، فحصروها ثلاث مرات ، أخذوها في المرة الثالثة بالأمان.
وعاد السّلطان ، في ثالث ذي الحجة ، بالعساكر إلى البيت المقدّس ،
__________________
(١) انظر كتابي حطين ص ١٧٨ ـ ١٨٠.