وحشته ، فحصل فيها بماله ، وحصّنها ، فخرج إليه سعد الدّين كمشتكين بالعسكر ، ومعه «طمان» ، فحصره مدّة ، فسيّر ، واستشفع بالملك النّاصر ، فقبل الشفاعة وأمنّه ، فخرج بماله وأهله ، وحاشيته ، ومضى إلى منبج ، فنزل بها عند «الدويل» ، وكان الملك النّاصر قد أقطعه إيّاها ، وكان ذلك في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة.
وفي هذه السّنة ، أظهر أهل «جبل السمّاق» الفسق والفجور ، وتسمّوا بالصفاة ؛ واختلط النّساء والرّجال في مجالس الشّرب ، ولا يمتنع أحدهم من أخته ولا بنته ، ولبس النساء ثياب الرّجال ، وأعلن بعضهم بأن «سنانا» ربّه. فسيّر الملك الصالح اليهم عسكر حلب ، فهربوا من «الجبل» وتحصّنوا في رؤوس الجبال ، فأرسل «سنان» ، وسأل فيهم ، وأنكر حالتهم ، وكانوا قد نسبوا ذلك إليه ، وأنّهم فعلوا ذلك بأمره ، فأشار سعد الدّين بقبول شفاعته فيهم ، وعاد العسكر عنهم (١).
وشرع «سنان» في تتبّع المقدّمين منهم ، فأهلكهم ، وكان في «الباب» منهم جماعة فثار بهم «النبوية» (٢) من أهل ذلك البلد ، وقاتلوهم من التّركمان ، فانهزموا واختبئوا في المغاير ، فنهبوا دورهم ، وعرّوا نساءهم ، ودخّنوا عليهم في المغاير ، وقتلوا من أمكنهم قتله.
ثم إنّ الاسماعيليّة قفزوا على الوزير شهاب الدّين أبي صالح بن
__________________
(١) لعل لهذا علاقة بالقيامة التي أعلنت من قبل في قهستان بوساطة امام ألموت. انظر كتاب الدعوة الاسماعيلية الجديدة ـ ط. بيروت ١٩٧٠ ص ٨٧ ـ ٩٠.
(٢) أفضل المعلومات حول هذا الحدث لدى ابن الأزرق ص ٥٣٣٤ ـ ٥٣٣٥ من الموسوعة الشامية.