المتردّدة من الشّام إلى مصر ، فاجتاز به قافلة عظيمة ، غزيرة الأموال ، كثيرة الرّجال ، ومعها جماعة من الأجناد ، فغدر بهم الملعون ، واخذهم وأموالهم وقال لهم : «قولوا لمحمد يجيء ينصركم» ، فبلغ ذلك السّلطان وسيّر إليه ، وهدّده ، ولامه ، وطلب منه ردّها فلم يجب ، فنذر أن يقتله متى ظفر به.
فالتفت السّلطان إلى «ارناط» ، وواقفه على ما قال ، وقال له : «ها أنا أنتصر لمحمد». ثم عرض عليهالسلام ، فلم يفعل. فسلّ السيف ، وضربه به ، فحلّ كتفه ، وتمّم عليه من حضر ، وأخذ ورمي على باب الخيمة.
فلما رآه الملك على تلك الصّورة لم يشكّ في أنّه يثنّي به ، فاستحضره ، وطيّب قلبه ، وقال : «لم تجر عادة الملوك أنّهم يقتلون الملوك ، ولكنّ هذا طغى ، وتجاوز حدّة فجرى ما جرى».
ثم إنّ السّلطان أصبح يوم الأحد ، الخامس والعشرين ، فنزل على «طبرية» ، وتسلّم قلعتها بالأمان من صاحبتها ثم رحل منها يوم الثلاثاء إلى «عكّا» ، فنزل عليها يوم الأربعاء سلخ الشّهر ، وقاتلها يوم الخميس مستهلّ جمادى الأولى ، فأخذها ، واستنقذ منها أربعة آلاف أسير من المسلمين ، وأخذ جميع ما فيها ، وتفرّق العسكر.
وفتح بعدها : قيسارية ، ونابلس ، وحيفا ، وصفّورية ، والناصرة ، والشقيف ، والفولة ، فأخذوها ، واستولوا على سكّانها ، وأموالها.
ورحل السّلطان من عكّا إلى «تبنين» ، وقاتلها ، وفتحها يوم الأحد