فأضافها عسكر حلب ، قبل وصول عزّ الدّين إلى «الدّربساك» (١) ، واختصّوا بها دون الفرنج ، وحضر أهلها إلى طمان ، فأعطاهم الأمان.
فلمّا وصل «عزّ الدّين» ، سيّر العساكر إلى ناحية «حارم» ، وحاولوا نهب «العمق» ، فانحاز أهله كلّهم إلى «شيح» لعلمهم بأنّ «طمانا» أمّنهم ، فأراد عسكر الموصل أن ينهبوها ، فقال لهم : «إنّ شيح لحلب ، وإنّهم في أماني». فلم يلتفتوا إلى قوله ، وسار واليها ليلا ، فسبقهم إلى «المخاض» ، ووقف في وجوههم يردّهم ، فقتل منهم جماعة ، ثم تكاثروا وعبروا ، فسبقهم طمان إلى «شيح» ، وأمرهم أن يجعلوا النساء في المغاير ودربها.
فوصل عسكر الموصل ، فرأوا ذلك ، فعزموا على القتال ، فصاح طمان : «إذا كنتم تخفرون ذمّتي ، فأنا أرحل إلى الفرنج». وسار في أصحابه إلى أن قرب من «يغرا» ، فوصله من أخبره بأنّهم عادوا عنها ، ولم ينالوا منها طائلا ، وخافوا من ملامة عزّ الدّين ، فعاد «طمان» ، ونزل كلّ منهم في خيامه «بحارم».
وكاتب المواصلة «عزّ الدّين» ، يطعنون على «طمان» ، وأنّه وافق أهل «شيح» في العصيان ، وأراد اللّحاق بالفرنج ، فأحضر «طمان» والمواصلة ، وتقابلوا بين يديه ، فقال عزّ الدّين : «الحق مع حسام الدّين ، ولا يجوز نقص العهد لواحد من المسلمين». وكان ذلك في شهر رمضان من السّنة.
__________________
(١) حصن الدربساك قريب من بغراس. بغية الطلب ص ١٥١.