وخمسة أشهر ، على أن سلّموا إلى المسلمين «عسقلان» ، و «غزة» ، و «الدّاروم». واقتصروا من البلاد السّاحلية على ما بين «صور» و «يافا» بعد أن فتح السلطان «يافا» ، وبقي القلعة.
واتفق ملوك الجزائر من الفرنج على تمليك الساحل رجلا منهم يعرف «بالكند هري» ، وزوّجوه بنت ملكهم القديم ، التي قد استقرّ عندهم أن يجعلوها على كلّ من ملكوه (١).
وسار السّلطان من القدس إلى بيروت في شوّال ، ووصل إلى خدمته صاحب أنطاكية «الابرنس» وولده «قومص طرابلس» ؛ وخلع عليهما ، وجدّد بينه وبينهما الهدنة والعقد.
وفي سادس عشري ذي القعدة ، دخل إلى دمشق ، بعد مدّة تقارب أربع سنين. وكان «الملك الظاهر» قد ودّعه من «القدس» ، ورحل إلى حلب في شهر رمضان ، وأخبرني القاضي بهاء الدّين أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم : أنه ودّعه ، ثم سيّر إليه ، واستأذنه في مراجعته في أشياء فأدخله عليه ـ وكنت حاضرا ـ ثم قال للملك الظاهر : «أوصيك بتقوى الله فإنّها رأس كلّ خير : وآمرك بما أمرك الله به ، فانه سبب نجاتك ، وأحذّرك من الدّماء والدخول فيها والتقلّد لها ، فإنّ الدم لا ينام ، وأوصيك بحفظ قلوب الرعيّة ، والنّظر في أحوالهم ، فأنت أميني وأمين الله عليهم ، وأوصيك بحفظ قلوب الأمراء ، وأرباب الدّولة
__________________
(١) انظر كتابي حطين ص ١٨٢ ـ ١٨٤.