والأكابر ، فما بلغت ما بلغت إلّا بمداراة النّاس ، ولا تحقد على أحد ، فانّ الموت لا يبقي على أحد ، واحذر ما بينك وبين النّاس ، فانّه لا يغفر إلّا برضاهم ؛ وما بينك وبين الله يغفره الله بتوبتك إليه ، فانّه كريم».
وفي شهر ذي القعدة ، سلّم إلى «الملك المنصور» ما كان لأبيه بالشام ، وهو «منبج ، وحماة ، وسلمية ، ومعرّة النعمان» وانقضت سنة ثمان وثمانين.
والهدنة مع الفرنج مستمرّة ، و «الملك النّاصر» بدمشق ، «والملك الظّاهر» بحلب ، والملك العزيز بمصر ، والملك الأفضل ، وهو أكبر ولد السّلطان ، معه بدمشق.
فمرض السّلطان ، في اليوم الخامس عشر ، من صفر ، بحمّى حادة ، واختلط ذهنه في السّابع ، وحبس كلامه ، وانجذبت مادّة المرض إلى دماغه ، وتوفي ـ رحمهالله ـ في الثّالث عشر من مرضه ، في وقت الفجر ، من يوم الأربعاء ، السّابع والعشرين من صفر ، من سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وليس في خزانته من المال يوم وفاته سوى دينار واحد صوري ، وسبعة وأربعين درهما نقرة (١) ، ودعوته على المنابر من أقصى حضر موت في الجنوب إلى أوائل بلاد «أرانية» (٢) في الشّمال عرضا ، ومن طرابلس الغرب إلى باب همذان طولا. ونقودها من الدّراهم والدنانير مضروبة باسمه ، وعساكرها مطيعة لأمره ، سائرة تحت لوائه. ومن جملة ملكه ديار مصر ، والشّام
__________________
(١) أي من الفضة.
(٢) أرّان اقليم مشهور بين أذربيجان وأرمينية. معجم البلدان.