وجاء الفرنج فنزلوا «عين الجالوت» ، ودار المسلمون بهم ، وبثّوا السّرايا في ديارهم ، للغارة والنّهب ، ووقع جورديك ، وجاولي الأسدي ، وجماعة من النّورية على عسكر «الكرك» و «الشّوبك» ، سائرين في نجدة الفرنج ، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، وأسروا مائة نفر ، وعادوا.
وجرى للمسلمين مع الفرنج وقعات ، ولم يتجاسروا على الخروج للمصاف ، وعاد السلطان «إلى الطّور» (١) في سابع عشر جمادى الآخرة.
فنزل تحت «الجبل» ، مترقبا رحيلهم ، ليجد فرصة ، فأصبحوا ، ورحلوا راجعين على أعقابهم. ورحل نحوهم ، وناوشهم العسكر الإسلاميّ ، فلم يخرجوا إليهم ، والمسلمون حولهم ، حتى نزلوا «الفولة» راجعين ؛ وفرغت أزواد المسلمين ، فعادوا إلى دمشق ، ودخل السّلطان دمشق ، في رابع وعشرين جمادى الآخرة.
ثم عزم على غزو «الكرك» ، فخرج إليها في رجب ، وكتب إلى أخيه «الملك العادل» ، وأمره أن يلتقيه إلى الكرك ، وسار السّلطان إلى الكرك ، وحاصرها ، ونهب أعمالها ، وهجم ربضها ، في رابع شعبان. وهدم سورها بالمنجنيقات ، وأعجزه طمّ خندقها ، ووصلت الفرنج لنجدتها فلما اجتمعوا «بالجليل» ، رحل عنها ، ونزل بازائها (٢).
__________________
(١) ويسمى أيضا جبل طابور ، يقع شرقي الناصرة. معجم بلدان فلسطين.
(٢) انظر وليم الصوري ص ١٠٦٥ ـ ١٠٦٧ ، ١٠٦٩ ـ ١٠٧١.