الهنفري ، وابن الرقيق (١) ، فرحل نور الدّين نحوهما قبل أن تلحقهما بقيّة عساكر الفرنج فرجعا خوفا منه واجتمعا ببقيّة الفرنج.
وسلك نور الدّين وسط بلادهم ، فنهب وأحرق ما في طريقه إلى أن وصل إلى بلاد الاسلام ، فنزل على عشترا (٢) على عزم الغزاة ، فأتاه خبر الزّلازل الحادثة بالشّام ، فإنّها خربت حلب خرابا شنيعا ، وخرج أهلها إلى ظاهرها.
وتواترت الزّلازل بها أيّاما متعدّدة ، وكانت في ثاني عشر شوّال من السّنة يوم الاثنين طلوع الشمس ، وهلك من النّاس ما يزيد على خمسة آلاف نفر ذكر وانثى ، وكان قد احترق جامع حلب وما يجاوره من الأسواق قبل ذلك في سنة أربع وستّين وخمسمائة ، فاهتمّ نور الدّين في عمارته وإعادته والأسواق التي تليه إلى ما كانت عليه ، وقيل : إنّ الاسماعيليّة أحرقوه.
وبلغه أيضا وفاة مجد الدّين ابن دايته ، أخيه من الرضاعة بحلب ، في شهر رمضان سنة خمس وستّين وخمسمائة ، فتوجّه نور الدّين إلى حلب ، فوجد أسوارها وأسواقها قد تهدّمت.
ونزل على ظاهر حلب حتى أحكم عمارة جميع أسوارها ، وبنى الفصيل الدائر على البلد ، وهو سور ثان.
__________________
(١) في الروضتين ج ١ ص ١٨٣ : «وساروا اليه وان ابن الهنفري وفيليب بن الرقيق وهما فارسا الفرنج في وقتهما في المقدمة إليه».
(٢) على مقربة من بلدة نوى في حوران سورية.