وكانت الأسعار في السّنة الّتي توّفي فيها رخية جدّا ، الحنطة ستّ مكايك بدينار ؛ والشّعير أثنا عشر مكّوكا بدينار ؛ والعدس أربع مكايك بدينار ؛ والجلبان خمسة مكايك بدينار ؛ والقطن ستّون رطلا بدينار ؛ والدّينار هو الّذي جعله أتابك دينار الغلّة ؛ وقدره خمسون قرطيسا برسا (١) وذلك لقلّة العالم.
ولمّا قتل افترقت عساكره فأخذ عسكر حلب ولده نور الدّين أبا القاسم محمود بن زنكي ، وطلبوا حلب فملّكوه إيّاها ، وأخذ نور الدّين خاتمه من إصبعه قبل مسيره إلى حلب ، وسار أجناد الموصل بسيف الدّين غازي إلى الموصل وملكها.
وبقي أتابك وحده ، فخرج أهل الرّافقة فغسّلوه بقحف جرّة ، ودفنوه على باب مشهد عليّ ـ عليهالسلام ـ في جوار الشهّداء من الصّحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وبنى بنوه عليه قبة ، فهي باقية إلى الآن (٢).
وملك الملك العادل نور الدّين أبو القاسم محمود بن زنكي بن أق سنقر حلب ، عند ذلك في شهر ربيع الآخر يوم الثّلاثاء عاشر الشهر ، سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
ووصل إليه صلاح الدّين الياغيسياني يدبّر أموره ويقوم بحفظ دولته
__________________
(١) من أنواع الدراهم النحاسية قد يوازي كل / ١٣ / منها درهما فضيا.
(٢) انظر بغية الطلب ص ٣٨٥٥ ـ ٣٨٥٧. وزالت معالم القبة الآن ، وكانت قرب ما يعرف الآن بباب بغداد ، ودللت بعض الحفريات الأثرية على مكان القبر.