قتل فيها بهذين البيتين :
يا راقد اللّيل مسرورا بأوّله ، |
|
إنّ الحوادث قد يطرقن أسحارا! |
لا تأمننّ بليل طاب أوّله |
|
فربّ آخر ليل أجّج النّارا! |
وكان أتابك جبارا عظيما ذا هيبة وسطوة ، وقيل : إنّ الشاووش (١) كان يصيح خارج باب العراق ، وهو نازل من القلعة ، وكان إذا ركب مشى العسكر خلفه كأنّهم بين حيطين مخافة أن يدوس العسكر شيئا من الزّرع ، ولا يجسر أحد على هيبته أن يدوس عرقا منه ، ولا يمشي فرسه فيه ، ولا يجسر أحد من أجناده أن يأخذ لفلّاح علاقة تبن إلّا بثمنها أو بخط من الدّيوان إلى رئيس القرية ؛ وإن تعدّى أحد صلبه.
وكان يقول : «ما يتّفق أن يكون أكثر من ظالم واحد» ـ يعني نفسه ـ فعمرت البلاد في أيّامه بعد خرابها وأمنت بعد خوفها ، وكان لا يبقي على مفسد ، وأوصى ولاته وعمّاله بأهل حرّان ، ونهي عن الكلف والسّخر والتثقيل على الرّعية ، هذا ما حكاه أهل حرّان عنه.
وأما فلّاحو حلب فإنّهم يذكرون عنه ضدّ ذلك (٢).
__________________
(١) يكتب أيضا «الجاووش» وهو المنادي الذي يتولى استنفار العساكر لتخرج إلى القتال ، وقرأنا في النوادر السلطانية لابن شداد ص ٦٦ ، ١٠٨ «فركب السلطان وصاح الجاووش فركب العسكر».
(٢) كانوا يذكرون «أنه كان عليهم منه جور وظلم في أيام ولايته ، وأكثر ما كان يذكر عنه من الظلم ما يلزم الناس به من جمع الرجالة للقتال والحصار». بغية الطلب : ٢٨٥٢.