«اذهب إلى لعنة الله ، فقد قتلت المسلمين كلّهم بقتله» (١).
وقد كان أتابك ضايق القلعة ، فقلّ الماء فيها جدّا ، والرّسل من صاحبها عليّ بن مالك تتردّد بينه وبين أتابك ، فبذل عليّ بن مالك له ثلاثين ألف دينار ليرحل عنها ، فأجابه إلى ذلك.
ونزل الرّسول ، وقد جمع الذّهب حتّى قلع الحلق من آذان أخواته ، وأحضر الرّسول ، وقال لبعض خواصّه : «امض بفرسه وقرّبه إلى قدر اليخني فإن شرب منه فأعلمني». ففعل ذلك ، فشرب الفرس مرقة اليخني ، فعلم أنّ الماء قد قلّ عندهم ، فغالط الرّسول ودافعه ، ولم يجبه إلى ملتمسه ، فأسقط في يد عليّ بن مالك.
وكان في القلعة عنده بقرة وحش ، وقد أجهدها العطش ، فصعدت في درجة المئذنة حتّى علت عليها ، ورفعت رأسها إلى السّماء ، وصاحت صيحة عظيمة ، فأرسل الله سحابة ظلّلت القلعة ، وأمطروا حتى رووا ، فتقدّم حسّان البعلبكيّ صاحب منبج إلى تحت القلعة ، ونادى عليّ بن مالك ، وقال له : «يا أمير عليّ ، ايش بقي يخلّصك من أتابك» فقال له» «يا عاقل ، يخلّصني الذي خلصك من حبس بلك». يعني حين قتل ، بلك على منبج وخلص حسّان ، فصدق فأله ـ وكان ما ذكرناه ـ.
وأخبرني والدي ـ رحمهالله ـ أنّ حارس أتابك كان يحرسه في اللّيلة التي
__________________
(١) عزا وليم الصوري ص ٧٤٢ مقتل زنكي إلى مؤامرة دبرها صاحب قلعة جعبر.