وكان شاذبخت قد احتاط ، واستخدم جماعة من الأجناد ، فصار في مقدار خمسمائة راجل ، و «شمس الدّين» في مقدار مائة ، وأمر اسباسلار (١) باب القلعة أبا بكر بن مقبل : أن يمنع من يصعد إلى القلعة من أصحابه وأصحاب إخوته ، ما خلا سابق الدّين وبدر الدّين ، فكانا يصعدان ، ومع كلّ واحد منهما غلام واحد ؛ ووكّل بباب شمس الدّين ثلاثين رجلا كلّ ليلة ، فعتب على شاذبخت فقال له : «أنا أبعث الرجال إليك ، ليقوموا في الخدمة» ، وكان يوكّل بالأجناد الّذين خالفوه حفظة يمنعون من يدخل منهم أو يخرج ، وكان هذا حال القلعة ، في غيبة الملك الصّالح.
وأما حال المدينة فانّ السّنّة من أهل البلد مالوا إلى «المجدية» ، لتعصبّهم للسّنّة على الشّيعة ، وجمعهم بدر الدّين حسن شحنة حلب ، واستحلفهم في اللّيل ، وكان فيهم بنو العجمي ، والشيخ أبو يعلى بن أمين الدّولة ، وبنو قاضي بالس ـ على ما ذكر ـ وطلب القاضي أبا الفضل بن الخشّاب وبني الطّرسوسي ، فأبوا أن يحضروا.
وكان أهل حلب من الشّيعة ، يتوالون أبا الفضل بن الخشّاب ، ويقدّمونه عليهم ، فوافقوه على حفظ البلد للملك الصّالح ، وعلى مخالفة بني الدّاية ، فسيّر بدر الدين حسن إلى ابن الخشّاب ، وقال له : «إنّ جماعة عندي قذفوك ، وتحدّثوا بأنك تطعن في الدّولة ، وأنك تريد أن تملك حلب».
__________________
(١) الضابط المسؤول عن حراسة باب القلعة.