الهنديّ عتيق نور الدّين ـ وهو الّذي بنى المدرسة (١) لأصحاب أبي حنيفة بحلب ، وقبر بها ، فوصله كتاب الطّير بوفاة نور الدّين ؛ فأمر في الحال بضرب الدّبادب (٢) ، والكوسات ، والبوقات ، وأحضر المقدّمين والأعيان بحلب ، والفقهاء والأمراء ، وقال : «قد وصل كتاب الطّائر ، يخبر أنّ مولانا الملك العادل قد ختن ولده ؛ وولّاه العهد بعده ، ومشى بين يديه».
فأظهروا السّرور بذلك ، وحمدوا الله تعالى ، فقال لهم : «تحلفون لولده الملك الصّالح ، كما أمر الملك العادل بأنّ حلب له ، وأنّ طاعتكم له وخدمتكم ، كما كانت لأبيه». فحلف النّاس على اختلاف طبقاتهم ومنازلهم ، في ذلك اليوم ، ولم يترك أحدا منهم يزول من مكانه ، ثم قام إلى مجلس آخر ، ولبس ثياب الحداد ، وخرج إليهم وقال : «يحسن الله عزاءكم في الملك العادل ، فإنّ الله قد نقله إلى جنّات النّعيم».
وتوجّه المؤيّد بن العميد ، وعثمان زردك ، وهمام الدّين إلى حلب ، لإثبات ما في الخزائن بحلب ، وختمها بخاتم الملك الصّالح.
وكان وزير الملك العادل نور الدّين : موفّق الدّين خالد بن محمد بن نصر بن القيسراني ، رسولا عنه بمصر. فاتّفق رأي الجماعة على أن ولّوا وزارة الملك الصّالح : شهاب الدّين أبا صالح عبد الرّحيم بن أبي طالب بن
__________________
(١) يعرف موقعها الآن باسم جامع الشيخ معروف. الآثار الإسلامية ص ٧٢ ـ ٧٣.
(٢) أي الطبول. القاموس.