فلم يفعل فسار نور الدّين إليه في هذه السّنة فابتدأ بكيسوم (١) ، وبهسنى (٢) ، ومرعش ، ومرزبان (٣) ، وما يليها ، وكان ملكه مرعش ، في أوائل ذي القعدة ، والباقي بعدها.
وسيّر طائفة من عسكره إلى سيواس ، فملكها ؛ وراسله قلج أرسلان في الصّلح ، وأتاه من أخبار الفرنج ما أزعجه فصالحه ، وأعطى سيواس ذا النّون ، وجعل معه قطعة من عسكره ، وشرط على قلج أرسلان إنجاده بعساكره إلى الغزاة.
واتّفق نور الدّين وصلاح الدّين على أن يصل كلّ واحد منهما من جهته ، وتواعدا على يوم معلوم على أن يتّفقا على قتال الفرنج ، وأيهما سبق أقام للآخر منتظرا ، إلى أن يقدم عليه ، فسبق صلاح الدّين ووصل إلى الكرك وحصره.
وسار نور الدين فوصل الرّقيم (٤) وبينه وبين الكرك مرحلتان ـ فخاف صلاح الدّين ، واتّفق رأيه ورأي أهله على العود إلى مصر لعلمهم بأنّهما متى اجتمعا كان نور الدّين قادرا على أخذ مصر منه.
فعاد إلى مصر ، وأرسل الفقيه عيسى إلى نور الدّين يعتذر عن رحيله
__________________
(١) انظر حولها الأعلاق الخطيرة ـ قسم حلب ـ ج ٢ ص ٤٤٢ ـ ٤٤٣.
(٢) انظر حولها بغية الطلب ص ٣٢٦.
(٣) انظر حولها بغية الطلب ص ٣٢٥.
(٤) قال ياقوت في معجمه : «وبقرب البلقاء من أطراف الشام موضع يقال له الرقيم ، يزعم بعضهم أن به أهل الكهف» والمعني بهذا منطقة البتراء بالأردن.