ثم طلبوا الأمان على أن ينزلوا بأنفسهم وثيابهم لا غير ، بعد مراجعتهم أنطاكية ، وتسلّمها السّلطان ، يوم الجمعة الثاني والعشرين من شهر رجب ، وأعطاها علم الدين سليمان بن جندر.
وسار عنها بكرة السبت ، ثالث عشري الشّهر ، ونزل في مرج «بغراس» ، وأحدق بعض العسكر «ببغراس» ، وأقام (١) يزكا على باب أنطاكية بحيث لا يشذ عنه من يخرج منها ، وقاتل البلد مقاتلة شديدة حتى طلبوا الأمان ، وشرطوا استئذان أنطاكية ، وتسلّمها في ثاني شعبان من السنة (٢).
وفي ذلك اليوم عاد إلى الخيم ، وراسله أهل «أنطاكية» في طلب الصلح فصالحهم ، لشدّة ضجر العسكر ، وقلق عماد الدّين ـ صاحب سنجار ـ لطلب العود إلى بلاده ، واستقرّ الصّلح بينه وبين صاحب أنطاكية على أنطاكية لا غير ، دون غيرها من بلاد الفرنج ، على أن يطلقوا جميع أسرى المسلمين الذين عندهم ، وأن يكون ذلك إلى سبعة أشهر ، فإن جاءهم من ينصرهم وإلّا سلّموا البلد إلى السّلطان.
وطلبه ولده «الملك الظاهر» أن يتوجه معه إلى حلب ، فسار معه إليها ، ودخلها في حادي عشر شعبان ، وأقام بقلعتها ثلاثة أيام في ضيافة «الملك الظّاهر» ، وأنعم «الملك الظاهر» على جماعة كثيرة من عسكره ،
__________________
(١) اليزك : الطلائع.
(٢) انظر النوادر السلطانية ص ٦٢ ـ ٦٣.