السّلطان وقال له فيما قال : إنّ هذا أعان الفرنج على المسلمين وكثر سواد الكفار ؛ فبطل هذا التدبير.
واستقرّ ملك أتابك بالموصل ، والجزيرة ، والرّحبة ، وحلب ، والتوقيع له بجميع البلاد الشّاميّة وغيرها.
وتزوّج أتابك خاتون بنت الملك رضوان ، وبنى بها في دير الزّبيب (١) ؛ وكانت معه إلى أن فتح الخزانة بحلب ، واعتبر ما فيها ، فرأى الكبر (٢) الّذي كان على أبيه أقسنقر ، حين قتله تتش جدّها ، وهو ملوّث بالدّم ، فهجرها من ذلك اليوم.
وقيل : إنّه هدم المشهد الّذي على قبر رضوان ، عند ذلك.
ودام أتابك مهاجرا لها إلى أن دخلت على القاضي أبي غانم قاضي حلب ؛ وشكت حالها ، فصعد إليه ، وكان جبارا إلّا أنه ينقاد إلى الحقّ ، وإذا خوّف بالله خاف ، فخرج ليركب ، فلما ركب ذكر له القاضي ما ذكرته خاتون ، فساق دابّته أتابك ، ولم يردّ عليه جوابا ، فجذب القاضي أبو غانم بلجام دابته ، فوقفت ، وقال له : «يا مولانا ، هذا الشّرع لا ينبغي العدول عنه» ، فقال له أتابك : «اشهد عليّ أنّها طالق» ، فأرسل اللجام وقال : «أمّا السّاعة فنعم!».
__________________
(١) خارج مدينة حلب. بغية الطلب ص ٣٨٥٢.
(٢) الكبر : قباء محشو يتخذ للحرب. المعرب للجواليقي ص ٢٥٢. الحاشية ٢.