وسار أسد الدّين ، فلمّا قارب مصر رحل عنها الفرنج إلى بلادهم ، ووصل أسد الدّين إلى القاهرة سابع جمادى الآخرة ، ودخل إليها واجتمع بالعاضد ، وخلع عليه وعاد إلى خيامه ، وفي نفس شاور منه ما فيها ، ولا يتجاسر على إظهاره.
وكان شاور يخرج في الأحيان إلى أسد الدّين يجتمع به ، فخرج في بعض الأيّام على عادته فلم يجده في الخيام ، وكان قد مضى لزيارة قبر الشّافعي ـ رضى الله عنه ـ فلقيه صلاح الدّين ، وجورديك ، في جمع من العسكر وخدموه ، وأعلموه أنّ أسد الدّين قد مضى للزيّارة فقال : «نمضي إليه» فساروا جميعا ، فساوره صلاح الدّين وجورديك ، وألقياه إلى الأرض ، فهرب عنه أصحابه وأخذ أسيرا.
وأرسلوا إلى أسد الدّين فحضر في الحال ، وجاءه التّوقيع في الحال بالوزارة على يد خادم خاص ، ويقول : «لا بدّ من رأسه» ، جريا على عادتهم في وزرائهم أنّ الذي يقوى على الآخر يقتله ، فقتل وأنفذ رأسه إلى العاضد (١).
وأنفذ إلى أسد الدّين خلعه الوزارة ، فسار ودخل القصر ، وترتّب وزيرا في سابع عشر شهر ربيع الآخر ، ودام آمرا ناهيا إلى أن عرض له خوانيق ، فمات في الثّاني والعشرين من جمادى الآخرة (٢).
__________________
(١) انظر لمزيد من التفاصيل وليم الصوري ص ٩٢٨ ـ ٩٣٦.
(٢) توفي نتيجة نهمه وتخليطه بالطعام انظر ما ذكره ابن الأزرق الفارقي ص ٥٣١٩ من الموسوعة الشامية.