الملك النّاصر واصل إلى الشّام ، وربّما يسلّم من بحارم إليه قلعتها ، ويضحي في جواركم ، وبذل لهم مالا بمقدار ما أنفقوا مدّة حصارهم لها ، وانتظم الصّلح ، ورحلوا.
وخرج الملك الصّالح ، فنزل على «حارم» ، فسلّمها إليه أصحاب كمشتكين ، وصفح عن جرمهم ، وولّى فيها «سرخك» جمدار (١) أبيه نور الدّين ، ودخل حلب وطالب نواب كمشتكين بماله ، واعتقل ابن التّنبي وزيره ، فأحضر بعض المال ، وعذّب حتّى أحضره ، ثم هرب من الاعتقال.
وفي سنة خمس وسبعين وخمسمائة :
سعى جماعة بالقاضي محيي الدّين أبي حامد بن الشّهرزوري ، قاضي حلب ، وقدحوا فيه عند جمال الدّين شاذبخت ، وأوهموه أنه يميل إلى الملك الصّالح ، ووضعوا على لسانه أشعارا نسبوها إليه ، فأوجب ذلك استيحاشه ، وتوجّه إلى الموصل. وعرض القضاء على عمّي «أبي غانم محمّد بن هبة الله بن أبي جرادة» فامتنع ، فقلّد والدي القضاء بحلب وأعمالها ، وبقي على قضائها إلى أن مات الملك الصّالح ، وفي دولة عزّ الدّين ، وعماد الدّين ، ومدّة من دولة السّلطان الملك النّاصر.
وقبض الملك الصّالح قرية للاسماعيليّة تعرف بحجيرا من ضياع نقرة
__________________
(١) الجمدار المسؤول عن ثياب الحاكم.