ودخل الملك الصالح إلى حلب ، وخلف العسكر بأرض «عمّ» (١) و «جاشر» ، حول حارم ؛ يمنعونها من الفرنج ، ويباكرونها كلّ يوم لطلب التّسليم ، ومقدّم العسكر «طمان بن غازي» ـ وكان من أكبر الأمراء ـ.
وعاد الفرنج إلى حماة فحصروها ، ولم يظفروا بطائل ، وطمعوا في حارم ، لعصيان أصحاب كمشتكين بها ، وظنّوا أنّ الملك الصّالح صبي ، وعسكره قليل ، والملك النّاصر بمصر ، فلا ينجدهم إلّا بعد أن يأخذوا «حارم» ، فنزلوا عليها ، ومعهم كند كبير من الفرنج ، كان قد خرج من البحر إلى السّاحل ، يقال له كندر «فلنط لماني» (٢) ، ومعهم البرنس ، وابن لاون ، والقومص صاحب طرابلس ، فندم من «بحارم» ، حيث لم يسلموها إلى الملك الصّالح.
وحصرها الفرنج ، وضايقوها بالمجانيق والسّلالم ، فصاح من فيها : «صلاح الدّين يا منصور»! فأحضروا خيمة ، كانوا أخذوها من خيم الملك الناصر في كسرة «الرّملة» في هذه السنة (٣) وأخبروهم بالكسرة ليضعفوا عزيمتهم ، وعسكر حلب بإزائهم من «عمّ» إلى تيزين (٤).
__________________
(١) عم قرية غناء بين حلب وأنطاكية. معجم البلدان.
(٢) فلنط لماني هو كونت فلاندرز. انظر وليم الصوري ص ١٠٠٥ ـ ١٠٠٧.
(٣) انظر وليم الصوري ص ١٠٠٢ ـ ١٠٠٥.
(٤) تيزين قرية كبيرة من نواحي حلب كانت تعد من أعمال قنسرين. معجم البلدان.