يبيعها عليهم بمال وافر ، والدّليل على صدق ذلك أنّه أطلق من كان بالقلعة ، من أسرى الفرنج ، من أيّام نور الدّين ، وأطلق البرنس «أرناط» ، فقطع الطّريق بالكرك ، وسيّر أمواله من حلب وغيّبها ، وكتب إليه رجل من الفرنج يقال له ؛ الفارس «بدران» بشيء من ذلك ، وبعث بعدّة كتب من سعد الدّين إلى الفرنج ، تشهد بما أنهاه ، ولعلّه وضع ذلك كله عليه ، حتى نالوا غرضهم منه.
فقبض الملك الصّالح على سعد الدّين ، في التاسع من شهر ربيع الأول ، من سنة ثلاث وسبعين ، وكان قد جاء يطلب دستورا إلى حارم ، وطلب تسليمها منه ، فامتنع. فحمل إليها تحت «الحوطة» وجيء به إلى تحت قلعتها ، وعذّب ، فاستدعى بعض من يثق إليه من المستحفظين بالقلعة ، وأسرّ إليهما (١) أنّهم لا يسلّمونها ، ولو قطع ، ثم قال لهما جهرا : «بعلامة كذا وكذا ، سلّموا» ، فصعدا إلى القلعة ، وأظهر من فيها العصيان والمقاتلة ، فعذّب عذابا شديدا ، وعلّق برجليه ، وسقط بالخلّ ، والكلس. والدّخان ، وعصر ، وأصحابه يشاهدونه ، ولا يجيبون إلى التسليم.
وخرج الفرنج من «أنطاكية» ؛ يطلبون «حاوم» ، فتقدّم الملك الصّالح بخنق كمشتكين ، فخنق بوتر ، وأصحابه يشاهدونه ولا يسلمون ، وكسروا يديه وعنقه ، ورموه إلى خندق «حارم» ، فحين علم الفرنج ذلك ساروا إلى شيزر.
__________________
(١) لعل عدد من استدعاه ممن كان يثق به كان اثنين.