وعيّن لأولاده شيئا من ماله ، وتوفّى «بالبيرة» ، والسّلطان بها عنده ، في أوائل صفر ، من سنة اثنتين وثلاثين وستمائة.
وأقام السّلطان بها يرتّب أحوالها ، وأقام فيها واليا من قبله ، فاتّفق وفاة القاضي بهاء الدّين بحلب ، في يوم الأربعاء الرابع عشر من صفر ، من سنة اثنتين وثلاثين وستمائة.
وطلب «الكمال ابن العجمي» قضاء حلب ، وكاتب السلطان في ذلك ، فلم يجبه إلى ذلك. وسار السلطان من «البيرة» إلى «حارم» ، فخرج ابن العجمي إليه ، إلى «حارم» ، فمنعه الدّخول اليه ، وبذل له في قضاء حلب ستّين ألف درهم ، وأن يحمل في كل سنة ، للسّلطان ، من فواضل أوقاف الصدقة ، ومن كتابة الشروط ، خمسين ألف درهم ، فلم يصغ السّلطان إلى شيء من ذلك ، وكتب إلى القاضي زين الدّين ، كتابا يأمره بأن يحكم بين النّاس ، على جاري عادته ، إلى أن يدخل الى المدينة ، فلما دخل السلطان اجتهد «ابن العجمي» في قبول ما بذله ، وبذل شيئا كثيرا غير ذلك ، لخواصّ السّلطان ، وحسنوا للسّلطان قبول ما بذله ، وإجابته الى ما سأله ، فجرى على مذهب أبيه وجدّه في الاحسان ، ولم يبع منصب النبيّ صلىاللهعليهوسلم ـ بالأثمان ونظر في مصلحة الرعيّة ، وأرضى الله ونبيّه ، وقلّد القضاء بمدينة حلب وأعمالها ، في يوم الجمعة ، الرابع عشر ، من شهر ربيع الأول من سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ، القاضي زين الدّين أبا محمد عبد الله بن عبد الرحمن ، بن علوان ـ المعروف بابن الأستاذ ـ وكان نائب القاضي بهاء الدّين في الحكم.