وأما الملك الكامل ، فانه عاد في تلك الجيوش العظيمة ، ولم يحظ بطائل ، ودخل فصل الشتاء ، وحال بين الفريقين ، وعاد كلّ إلى بلاده ، ولما خرج فصل الشتاء ، خرج «علاء الدين كيقباذ» الى الجزيرة ، والرّها ، والرقة ، وسبى عسكره أهل البلاد كما يسبى الكفّار ، وذلك في ذي الحجة ، من سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ، وسار «الملك الكامل» نحوها ، فاندفع ملك الرّوم ، فعاد «الملك الكامل» ، واستولى على البلاد ، وخرّب قلعة الرّها وبلدها ، وسيّر إليه السلطان العسكر الى الشّرق ، والزّردخاناه ، وذلك في الجماديين ، سنة ثلاث وثلاثين وستمائة.
ودام «الملك العزيز» ، في ملكه بحلب ، وسمت همّته إلى معالي الأمور ، ومال إلى رعيته ، وأحسن إليهم الى أن دخلت سنة أربع وثلاثين وستمائة ، فغضب على وزيره «زين الدّين بن حرب» ، وألزمه داره بقلعة حلب ، وولّى الديوان مكانه ، الوزير «جمال الدّين الأكرم أبا الحسن عليّ بن يوسف القفطيّ الشيباني».
وخرج في أواخر شهر صفر إلى «النقرة» ، ثم توجّه منها الى «حارم» ، وحضر في الملقة (١) ، لرمي البندق ، واحتاج الى أن اغتسل بماء بارد ، فحمّ ، ودخل إلى حلب ، فالتقاه النّاس ، وهو موعوك ، ودامت به الحمّى ، الى أن قوي مرضه ، واستحلف الناس لولده الملك «النّاصر صلاح الدّين يوسف بن الملك العزيز». وسيّرني إلى أخيه «الملك الصالح» إلى عين
__________________
(١) كذا بالأصل ، ولعله أراد «الملقى» أو أنها تصحيف «الحلقة».