«البيرة» ـ قرية بالوادي ـ في يوم الخميس رابع عشر ، من شهر ربيع الآخر ، من سنة ثمان وثلاثين وستمائة ، فصدمهم عسكر حلب على قلّته ، صدمة ، تزحزحوا لها ، وتكاثر الخوارزمية عليهم.
وجاء «عليّ بن حديثة» ، وخرج من بين البساتين ، وجاء من وراء عسكر حلب ، ووقع في الغلمان ، و «الركابدارية» ، وأحاطوا بهم ، من جميع الجهات ، وانهزموا وهم مطبقون عليهم ، وجعلوا طريقهم على «رصيف الملكة» ، الذي يأخذ من «بزاعا» إلى حلب ، حتى خرجوا فيما بين «ربانا» و «تلفيتا». والخوارزميّة في آثارهم يقتلون ، ويأسرون ، ونزلوا من جهة «اعرابية» ، و «فرفارين» وهم في آثارهم ، فقبضوا على «الملك المعظّم» ، بعد أن ثبت في المعركة ، وجرح جراحات مثخنة ، وعلى أخيه «نصرة الدين» ، وقبضوا على عامة الأمراء ، ولم يسلم من العسكر إلّا القليل. وقتل في المعركة «الملك الصالح» ابن الملك الأفضل ، وابن الملك الزّاهر ، وجماعة كثيرة. واستولوا على ثقل العسكر ، ونهب الأحلاف من العرب أكثر ثقل العسكر ، وكانوا أشدّ ضررا على العسكر ، في انتهاب أموالهم من أعدائهم.
ونزل «الخوارزميّة» حول «حيلان» ، وامتدّوا على النهر ، إلى «فافين» ، وقطعوا على جماعة من العسكر أموالا أخذوها منهم ، وابتاعوا بها أنفسهم ، وشربوا تلك الليلة ، وقتلوا جماعة من الأسرى صبرا ، فخاف الباقون ، وقطعوا أموالا على أنفسهم ، وزنوها فمنهم من خلص ، ومنهم من أخذوا منه المال ، وغدروا به ، ولم يطلقوه.