بدمشق من الانتقال إلى حلب خوفا أن يغلبهم عليه شمس الدّين عليّ.
وكان شمس الدّين محمّد بن عبد الملك بن المقدّم قد صار متوّلي تدبيره بدمشق ، وكمال الدين بن الشهرزوري وجماعة من الأمراء معه ، وكان قد أشار كمال الدين على الامراء بمشاورة الملك النّاصر فيما يفعلونه ، لئلا يجعل ذلك حجّة عليهم ؛ فخافوا منه ولم يفعلوا.
وخرج الفرنج ، وحصروا قلعة بانياس فراسلهم ابن المقدم ، وبذل لهم مالا ، وخوّفهم بالإستنجاد بصلاح الدّين وسيف الدّين ، فعادوا. وبلغ ذلك كلّه الملك النّاصر صلاح الدّين ؛ فأرسل صلاح الدّين إلى الملك الصّالح ، وعتب عليه حيث لم يعلمه بما تجدّد من سيف الدّين في أخذ الجزيرة ليحضر ويكفّه ، وأنكر صلح الفرنج ، وبذل المال لهم ، وبذل من نفسه قصد الفرنج ، وكفّهم عن التّطاول إلى شيء من بلاد الملك الصالح.
وكتب إلى كمال الدّين وابن المقدّم ، والأمراء ، وقال : «لو أنّ نور الدّين يعلم أنّ فيكم من يقوم مقامي ، أو يثق به مثلي لسلّم إليه مصر ، ولو لم يعجّل عليه الموت لعهد اليّ بتربية ولده ، وأراكم قد تفردّتم بمولاي وابن مولاي دوني ، وسوف أصل إلى خدمته ، وأكافي إنعام أبيه ، وأجازي كلا منكم على فعله».
وكثر خوف شمس الدّين عليّ بن الدّاية من سيف الدّين غازي ، وأن يعبر الفرات إلى حلب فيملكها ، فأرسل سعد الدّين كمشتكين إلى دمشق ، ليحضر الملك الصّالح ، فلما قارب دمشق سيّر إليه شمس الدين بن المقدّم