المسلمون على أسوار الربض ، فهجموه ، فانضم أهله إلى القلعة ، فقاتلهم المسلمون فصاحوا : الأمان ، وسلّموها على صلح القدس.
وأقام السلطان بها حتى تسلم عدّة قلاع ، «كالعيد» و «قلعة الجماهريين» و «حصن بلاطنس». ثم رحل ونزل على بكاس (١) ؛ وهي قلعة حصينة ، من أعمال حلب على جانب العاصي ، ولها نهر يخرج من تحتها ـ يوم الثلاثاء سادس جمادى الآخرة على شاطىء «العاصي» ، وصعد السلطان جريدة إلى القلعة ، وهي على جبل مطل على العاصي ، فأحدق بها من كل جانب ، وقاتلها قتالا شديدا بالمنجنيقات والزحف ، وفتحها يوم الجمعة تاسع جمادى الآخرة عنوة ، وأسر من كان بقي فيها ، وغنم جميع ما كان فيها. وكان لها قلعة تسمى «الشّغر» قريبا منها يعبر من إحداهما إلى الأخرى بجسر ، فضربها بالمنجنيقات إلى أن طلبوا الأمان ، ثم سلمها أهلها بعد ثلاثة أيام ، يوم الجمعة سادس عشر الشهر ، ثم عاد السلطان إلى الثقل ، وسيّر ولده الملك الظّاهر إلى قلعة تسمى «سرمانية» يوم السبت ، فقاتلها قتالا شديدا ، وتسلّمها يوم الجمعة ثالث عشري الشّهر المذكور.
واتفق له هذه الفتوحات المتتابعة كلها في أيام الجمع ، وكذلك القدس يوم الجمعة.
ثم سار السلطان جريدة إلى «حصن برزية» وهو الذي يضرب به المثل في الحصانة ، ويحيط به أودية من سائر جوانبه ، وعلوها خمسمائة ذراع ونيف
__________________
(١) انظر النوادر السلطانية لابن شداد ـ ط. القاهرة ١٩٠٣ ص ٦٠ ـ ٦١.