دوابّهم ، وذبح البقر الذي يجرّ العجل ، فكان يموت في كل يوم ألوف من الرّجال ، ويسابقون الموتان إلى ما معهم من الدوابّ الحاملة للأثقال ، حتى وصلوا إلى «أنطاكية» ولم يبق منهم إلّا دون العشر.
وكان في جملة من مات منهم ملكهم الذي غزا الشام ، في سنة أربع وأربعين ، وحاصر دمشق ، مات غريقا في نهر «بطرسوس» يقال له «الفاتر» ، نزل ، وسبح فيه فغرق ، وقيل بأنه سبح فيه وكان المآء باردا ، فمرض ومات ، وأخذ وسلق في خلّ ، وجمعت عظامه ، ليدفن في البيت المقدّس.
وأوصى بالملك لابنه مكانه ، واتفقت الكلمة عليه ، فمرض «بالتينات» (١) ، وأقام بها ، وسير «كندأكرا» على عسكره ، ووصل إلى «أنطاكية» ، فمات ذلك «الكند» بها. وخرج البرنس إلى الملك ، واستدعاه إلى أنطاكية طمعا في أنه يموت ويأخذ ماله ؛ وكان قد فرّق عسكره ثلاث فرق لكثرته ، فالفرقة الأولى : اجتازت تحت «بغراس» مع الكند المذكور ، فوقع عليه عسكر حلب فأخذ منهم مائتي رجل ، ووقع أيضا على جمع عظيم خرجوا للعلوفة ، فقتلوا منهم جماعة كثيرة ، وأسروا زهاء خمسمائة نفر.
ولما وصل ملك الألمان إلى أنطاكية أخذها من صاحبها ، وأودع فيها خزائنه ، وسار منها يوم الأربعاء خامس وعشرين من شهر رجب ، سنة ستّ وثمانين وخمسمائة ، متوجها إلى عكا ، وفشا فيهم الوبآء حتّى لم يسلم من كلّ
__________________
(١) التينات : حصن على شاطىء البحر بين بياس والمصيصة. بغية الطلب ص ٢٢٣.