وعمّره ، وحصّنه ، ووعّر طريقه ، وعمّق خندقه ، وجعل «الملك العادل» ، بازآء الفرنج «بالرّملة».
وتوفي الملك المظفّر تقيّ الدّين ، على «منازكرد» ، وهو محاصر لها ، بعد أن جرى له مصاف مع بكتمر صاحب «خلاط» ، وكسره تقيّ الدّين.
ودخلت سنة ثمان وثمانين ، والسّلطان بالبيت المقدّس ، والملك العادل في الرّملة ، وقد صار بيد الفرنج مما كان بيد المسلمين من الفتوح ، ما بين عكا و «الدّاروم» ، ولم يمكنهم مفارقة الساحل ، خوفا من أن يحول المسلمون بينهم وبين مراكبهم ، فتنقطع مادتهم.
وعصى فيها الملك المنصور بن تقيّ الدّين على السّلطان بميافارقين ، وحينى (١) ، وحرّان ، والرّها ، وسميساط ، والموزر ، فسيّر إليه ابنه الملك الأفضل وأقطعه تلك البلاد الشرقية ، فسار إلى حلب ومعه أخوه «الملك الظّافر» ، ووصلا إلى حلب. فأرسل السّلطان أخاه «الملك العادل» ، جريدة ، في عشرين فارسا من مماليكه ، وأمره أن يردّ «الملك الأفضل» ، ويطيّب قلب «الملك المنصور» ، ويعطيه ما يريد ، فوصل «الملك العادل» ، واجتمع بالملك المنصور ، وقرّر أمره.
ثم أن السلطان جرت له أحوال مع الفرنج ، ووقعات ، ومراسلات ، يطول الكتاب بتعدادها ، إلى أن انتظم الصلح بينه وبين الفرنج ، في حادي وعشرين من شعبان سنة ثمان وثمانين ، لمدة ثلاث سنين
__________________
(١) بلدة في ديار بكر يقال لها حاني أيضا. الأعلاق الخطيرة ـ قسم الجزيرة ـ ص ٧٨٨.