وفيمن كاتبه المقدّم عبد الملك والد شمس الدّين محمد ، وكان بسنجار ، فكتب إليه يستدعيه ليتسلّم سنجار.
فسار جريدة في سبعين فارسا من أمراء دولته فوصل سنجار مجدا ، ونزل بظاهر البلد ، وأرسل إلى المقدّم يعلمه بوصوله ، فرآه الرّسول وقد سار إلى الموصل ، وترك ولده شمس الدّين محمّدا بالقلعة ، فسيّر من لحق أباه في الطّريق ، وأعلمه بوصول نور الدّين ، فعاد إلى سنجار ، وسلّمها إليه ، وأرسل إلى قرا أرسلان صاحب الحصن (١) يستدعيه لموجدة كانت بينهما ، فوصل إليه.
ولما سمع قطب الدّين والوزير جمال الدّين ، وزين الدّين بالموصل ، جمعوا العساكر ، وعزموا على قصد سنجار وساروا إلى تلّ أعفر (٢) ، فأشار الوزير جمال الدّين بمداراته ، وقال : «إنّنا نحن قد عظّمنا محلّه عند السّلطان ، وجعلنا محلّنا دونه ، وهو فيعظّمنا عند الفرنج ، ويظهر أنّه تبع لنا ، ويقول : إن كنتم كما نحبّ وإلّا سلّمت البلاد إلى صاحب الموصل ، وحينئذ يفعل بكم ويصنع ، فإن هزمناه طمع فينا السّلطان ويقول : إنّ الّذي كانوا يعظمونه ، ويخوّفوننا به أضعف منهم ، وقد هزموه ، وإن هو
__________________
(١) حصن كيفا ، وهو قلعة عظيمة مشرفة على دجلة بين آمد وجزيرة ابن عمر. الأعلاق الخطيرة ـ قسم الجزيرة ـ ج ٢ ص ٧٨٤.
(٢) ويقال له تل يعفر وتلعفر ، بلدة بالعراق غربي الموصل على طريق سنجار. الأعلاق الخطيرة ـ قسم الجزيرة ـ ج ٢ ص ١٧٧٣.