فعدنا إلى «حماة» ، وذكرنا لصاحبها مقالة «الملك المجاهد» ، وأنّ في ما يحاوله نقضا للعهد ، فقال : «هو قد نقض عهدي ، وأنفذ واستفسد جماعة من عسكري» ، وعدّد له ذنوبا لا أصل لها ، وقال : «لا بدّ من قصده ، وإذا نزل الملك الكامل على حمص ، نزلت معه عليها وفعلت ما يصل إليه جهدي.
ولكن حلب ، أبذل نفسي ومالي دون الوصول إلى قرية منها ، ولا أرجع عن اليمين الّتي حلفت بها للسّتر العالي ، والملك الناصر».
فقلت : «فالمولى يعلم ما جرى بيننا وبين صاحب حمص ، من الأيمان ، وما نقض منها عهدا ، وإذا قصده قاصد إلى حمص يتعيّن إنجاده ونصرته ، وإذا وصل عسكر من حلب لنجدته ، فكيف يفعل المولى»؟ فتلجلج ، وقال : «أنا أقاتله ، ومن قاتلني قاتلته».
فكتبنا بذلك إلى حلب ، فجاء الأمر بالتوجّه إلى حلب ، فسرنا في الحال من غير توديع ، حتى وصلنا العبادي ليلة الاثنين ، مستهلّ جمادى الأولى ، من سنة خمس وثلاثين وستّمائة ، فلحقنا «المهماندار» (١) بالخلع والتّسفير ، فلم نقبل منه شيئا ، ووصلنا إلى حلب يوم الثلاثاء ، فتحقّق أنّه قد داخل «الملك الكامل» ، وأنه يطالعه بالمتجدّدات جميعها.
وأما دمشق ، فإنّ «الملك الكامل» ، لازم حصارها ، حتى صالحه «الملك الصّالح» ، على أن أبقى له بعلبك ، وبصرى ، وأخذ منه دمشق ، في تاسع
__________________
(١) أي مايماثل مدير المراسم.