قرب «الرّها» إلى جبل يقال له «جلهمان» واجتمعوا عليه ، ورتّبوا عسكرهم ، وكثّروا سوادهم بالجمال ، وعملوا رايات من القصب ، على الجمال ، ليلقوا الرّعب في قلوب العسكر ، بتكثير السواد.
وركب العسكر من منزلته ، بعد أن وصل رسول ، من عسكر «الرّوم» ، يخبر بوصوله في النجدة ، بعد حطّ الخيم للرّحيل ، فلم يتوقّفوا.
وساروا ، إلى أن وصلوا إلى «الخوارزميّة» ، يوم الأربعاء الحادي والعشرين ، من شهر رمضان ، سنة ثمان وثلاثين وستمائة ، والتقوا ، وكسر «الخوارزميّة» ، واستبيح عسكرهم ، وهربوا ، والعساكر في آثارهم ، إلى أن حال اللّيل بينهم وبينهم فعاد العسكر ، ووصل الخوارزميّة إلى «حرّان» وأخذوا نساءهم وهربوا ، ورتبوا في قلعة «حرّان» واليا من جهة «بركة خان» ، وساروا ، ووصل «الملك المنصور» والعساكر إليها ، فوكّل بالقلعة من يحصرها ، وساروا خلف الخوارزمية إلى «الخابور» ، والخوارزميّة منهزمون ، وألقوا أثقالهم ، وبعض أولادهم ، ونزلوا في طريقهم على «الفرات» ، فجاءهم السّيل في الليل ، فأغرق منهم جمعا كثيرا ، ودخلوا إلى بلد «عانة» واحتموا فيه لأنه بلد الخليفة.
وزيّنت مدينة حلب أياما لهذه البشرى. وضربت البشائر ، ووصلت أعلامهم وأسراؤهم ، إلى حلب. واعتصمت القلعة «بحرّان» أياما ، ثم سلّمت إلى الحلبيّين ، وأخرج من كان بها من الأمراء ، من أمراء حلب وأقارب السّلطان ، وبادر «بدر الدّين لؤلؤ» إلى «نصيبين» ، وإلى «دارا» فاستولى عليهما ، واستخلص من «دارا» عمّ السلطان الملك «المعظّم