فأمر الأجناد بلبس السّلاح والخروج معه ، وصار بهم إلى «تلّ فيروز» (١) وهو موضع سوق الصّاغة الآن ـ وكان إذ ذاك تلا.
وأخذوا الفلايج والأبواب ، وسدّوا بها الدّروب ، وزحفوا من الطّرق والأسطحة ، إلى دار ابن الخشّاب ، ووقع قتال شديد ، وقتل بين الفريقين جماعة كثيرة ، وانتهى إلى الدّار ، فأحرقها ونهبها ، ونهب أدر جماعة من المجاروين له.
وانهزم القاضي أبا الفضل ، واختفى في دار فخرا وابن كياعميد بالقرب من حمّام شراحيل (٢) ، فأقام بها إلى أن وصل الملك الصّالح في المحرّم ، من سنة سبعين وخمسمائة ، وصعد إلى القلعة ، وقبض على بني الدّاية ـ كما ذكرنا ـ وصار الأمر والتّدبير إلى سعد الدّين كمشتكين الخادم ، وهو الّذي بني الخانكاه (٣) المنسوبة إليه بحلب ، في جوارنا ، وهي كانت دار «أبي الطّيّب المتنبي» ، بحلب.
وكان شمس الدّين عليّ قد عزم على أنّ الملك الصّالح إذا قدم أخذ بمفرده ، وصعد به إلى القلعة ، ولا يمكّن أحدا من الأمراء من الصّعود ، ويطردهم ، ويستقلّ بالأمور.
فسيّر «شاذبخت» من أسرّ ذلك إلى الأمراء الذين كانوا في صحبة
__________________
(١) انظر الأعلاق الخطيرة ـ قسم حلب ـ ج ١ ص ٣٤٦ ـ ٣٤٧.
(٢) لم يرد اسم هذه الدار أو الحمام في الأعلاق الخطيرة.
(٣) انظرها في الأعلاق الخطيرة ـ قسم حلب ـ ج ١ ص ٢٣٤.