وكان الملك النّاصر بدمشق في قلّ من العسكر ، لأنّه كان قد سيّرها إلى مصر ، وأنفذ إليها يستدعيها ، فلو عاجله سيف الدّين لبلغ منه غرضا ؛ لكنّه تأخّر ، فوصل عسكر مصر إلى الملك النّاصر.
فسار من دمشق إلى ناحية حلب ، ليلقى سيف الدّين ، فالتقاه «بتلّ السّلطان» ، وكان «سيف الدّين» قد سبقه إلى تلّ السلطان ، فوصل الملك النّاصر العصر ، وقد تعب هو وأصحابه وعطشوا ، فألقوا نفوسهم إلى الأرض ليس فيهم حركة.
فأشير على سيف الدّين بلقائهم في تلك الحالة ، فقال زلفندار : «ما بنا حاجة إلى القتال في هذه السّاعة ، وغدا بكرة نأخذهم كلّهم» ، فترك القتال إلى الغدّ ، فلما أصبحوا اصطفّوا للقتال ، فجعل «زلفندار» الأعلام في وهدة من الأرض ، لا يراها إلّا من هو قريب منها فلمّا التقى الفريقان ، ظنّ أكثر النّاس أنّ سيف الدّين قد انهزم ، لأنّهم لم يروا الأعلام ، فانهزموا بعد أن كان مظفّر الدّين بن زين الدّين ـ وهو في الميمنة ـ قد كسر ميسرة الملك النّاصر ، وولّوا الأدبار ، وأسر منهم جماعة فأطلقهم الملك النّاصر ، منهم : فخر الدّين عبد المسيح ، وأمسك عن تتبّع العسكر ، فلم يقتل غير رجل
__________________
أصله من المغرب ظهر أولا في قرية مشغرة في غوطة دمشق ثم هرب إلى بلد حلب ، وكان ذلك سنة ٥٧٠ ه ، وأعتقد أن كفرند تصحيف لكفر نجد ، وكانت ـ كما قال ياقوت ـ قرية كبيرة من أعمال حلب في جبل السماق ، وكما ذكرها ابن العديم في بغية الطلب ص ٤٧٧ ، وكفر نجد الآن من قرى منطقة أريحا في محافظة ادلب وتبعد عن ادلب مسافة ١٧ كم.