فقال : ومن أنت؟
فقال : ما جئت في هذه الساعة وأنا أريد أن تعرفني.
فقال خزيمة : ما أقبله ، أو تقول من أنت؟
فقال : أنا جبار عثرات الكرام ، ثم انصرف.
فدخل خزيمة داره ، وقال لزوجته : قد أتى الله بالفرج.
ولما عاد عكرمة قالت زوجته : إلى أين ذهبت في هذا الليل؟
فقال : ما خرجت في هذه الساعة إلا حتى لا يعلم أحد فيما كنت ، فألحت عليه.
قال : وتكتمي عني؟
قالت : نعم ، فأخبرها بحاله ، ومقاله لما أراد معرفته أنا جابر عثرات الكرام.
وأما خزيمة ، فإنه في صبح يومه أصلح حاله وتوجه طالبا الشام.
/ فلما دخل [على](١) سليمان قال : يا خزيمة ، ما أبطأك عنا؟
فقال : يا أمير المؤمنين سوء الحال.
قال : فكيف جئت؟
فحكى له ما وقع.
قال : ألم تعرفه؟
فقال : لا والله ، وإنما لمّا استسميته قال : أنا جابر عثرات الكرام.
فتلهف سليمان على معرفته ، وقال : لو عرفناه لأعناه على مروءته (٢).
ثم ولى خزيمة الجزيرة.
[و](٣) خرج عكرمة والناس لملتقاه ، فلما سلم عليه أمر بقبضه. ثم لما استقر به الجلوس واستراح طلبه وحاسبه فوجد عليه فضل مال كثير ، فأمر به للسجن وأن يكبل في الحديد ففعل به. ثم ألح عليه في الطلب ووعد الضرب.
فقال : والله لم يكن عندي غير ما دفعت لك ، فأمر أن يضيق عليه ، فأقام في الضيق مدة تزيد عن شهر ، فأضناه ذلك وأضر به. فخرجت ابنة عمه ومعها مولاة لها وامرأة أخرى ، فلما وصلن دار خزيمة الأمير ، وقفن بالباب ، وقالت لتلك المرأة : استأذني ،
__________________
(١) ما بين المعقوفين زيادة يتطلبها السياق.
(٢) في المخطوط : روته ، وهو تحريف.
(٣) ما بين المعقوفين زيادة يتطلبها السياق.