ينبت من الأرض كما تنبت الزروع بعد أن تمطره السماء ماء الحياة ، ونكون بذلك قد حصلنا على دليل علمي جديد على عدم فناء جميع ذرات الجسم بالموت.
وإذا صحّ هذا الكشف كانت هذه الذرات كذلك هي أساس العذاب والنعيم الجسماني في القبر لصلته الخاصة بالرّوح ، وتعلقها بها على صورة تقربها من عقولنا ، صورة اتصال الشمس بالأرض ، فإننا نحس حرارتها في شدتها ولينها ، وندرك حركاتها في فلكها ، ونتأثر أو يتأثر الكون بانتقالاتها في بروجها ، مع انفصالها عنها تمام الانفصال.
٥) مسألة إحياء ليلة الأربعين :
فهذا تقريب أمر اتصال الرّوح بالجسد في نعيمهما وعذابهما ، على القول باشتراكهما معا في ذلك ، خصوصا في الأيام الأولى بعد الوفاة ، حين يكون نوع تعلق الرّوح بالجسم على أشده.
وهذا مجمل الأثر النبوي القائل بأن خاصة رجال الله لا يبقون في قبورهم بعد أربعين ، ثم هم قيام عند ربهم ، فهذه هي أقصى مدة شرعية لشدة نوع تعلق الرّوح بالجسد عند الصّالحين بعد الموت. وهي عند غيرهم كذلك غالبا بدليل الأثر القائل بتكرار السؤال في القبر ، أحيانا إلى أربعين يوما ، ولا يعتبر ذلك سببا في التشبه بغير المسلمين في إحياء ليلة الأربعين للموتى ؛ فهذا لم يرد عن النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا عن صالح السلف ، وإنما هي اجتهادات مجردة ، ليس منها ليلة الأربعين.